Sarim Munki
الصارم المنكي في الرد على السبكي
Penyiasat
عقيل بن محمد بن زيد المقطري اليماني
Penerbit
مؤسسة الريان
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
1424 AH
Lokasi Penerbit
بيروت
Genre-genre
Sains Hadis
الجحيم (١) ولم يكن أحد من السلف يأتي إلى قبر نبي أو غير نبي لأجل الدعاء عنده، ولا كان الصحابة يقصدون الدعاء عند قبر النبي ﷺ ولا عند قبر غيره من الأنبياء، وإنما كانوا يصلون ويسلمون على النبي ﷺ،وعلى صاحبه واتفق الأئمة على أنه إذا دعا بمسجد النبي ﷺ، لا يستقبل قبره وتنازعوا عند السلام عليه، فقال مالك وأحمد وغيرهما: يستقبل قبره ويسلم عليه وهو الذي ذكره أصحاب الشفاعي، وأظنه منصوبًا عنه، وقال أبو حنيفة: بل يستقبل القبلة ويسلم عليه هكذا في كتب أصحابه.
وقال مالك فيما ذكره إسماعيل بن إسحاق في المبسوط، والقاضي عياض وغيرهما: لا أرى أن يقف عند قبر النبي ﷺ يدعو ولكن يسلم ويمضي، وقال أيضًا في المبسوط: لا بأس لمن قدم من سفر أو خرج أن يقف على قبر النبي ﷺ ويدعو له ولأبي بكر وعمر (٢)، فقيل له: فإن ناسًا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه يفعلون ذلك في اليوم مرة، أو أكثر، وربما وقفوا في الجمعة أو في الأيام المرة والمرتين، أو أكثر عند القبر فيسلمون ويدعون ساعة، فقال: لم يبلغني هذا عن أحد من أهل الفقه ببلدنا، وتركه واسع، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، ولم يبلغني عن أول هذه الأمة وصدرها أنهم كانوا يفعلون ذلك ويكره إلا لمن جاء من سفر أو أراده.
وقد تقدم في ذلك من الآثار عن السلف والأئمة ما يوافق هذا، ويؤيده من أنهم كانوا إنما يستحبون عند قبره ما هو من جنس الدعاء له والتحية كالصلاة والسلام ويكرهون قصده للدعاء والوقوف عنده للدعاء،ومن يرخص منهم في شيء من ذلك، فإنه إنما يرخص فيما إذا سلم عليه، ثم أراد الدعاء أن يدعو مستقبلًا القبلة، إما مستدبرًا القبر، وإما منحرفًا عنه، وهو أن يستقبل القبلة ويدعوا ولا يدعو مستقبلًا القبر،وهكذا المنقول عن سائر الأئمة ليس في أئمة المسلمين من استحب للمرء أن يستقبل قبر النبي ﷺ ويدعو عنده.
وهذا الذي ذكرناه عن مالك والسلف يبين حقيقة الحكاية المأثورة عنه، وهي الحكاية التي ذكرها القاضي عياض عن محمد بن حميد قال: ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكًا في مسجد رسول الله ﷺ فقال له مالك: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله أدب قومًا فقال ﴿أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ (الحجرات ٠٠٢)
(١) ص٣٩٣-٣٩٤.
(٢) في اقتضاء الصراط المستقيم ص٣٩٤ ويصلي عليه ويدعو لأبي بكر وعمر.
1 / 263