وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه
3
موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين * قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم * قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين (سورة القصص: من آية 14-17).
إعجاز في القصة التعليمية .. ما الذي تهدف إليه قصص القرآن؟ إنها جميعا تهدف أن تضرب الأمثال للناس. وسيدنا موسى هنا قاتل، ولكن الله غفر له، إنما المغفرة لا تعطى هكذا بدون حساب واضح. إنه وقع في خطأ. وإنه أحس بهذا الخطأ الذي وقع فيه فاستغفر ربه فغفر له .. وأحس أن الله غفر له بالطمأنينة تسري بين جوانحه، ويشكر ربه أنه لن يكون بعد اليوم ظهيرا للمجرمين، فبهذه الآيات القليلة يضرب الله سبحانه وتعالى من واقع القصة المثل على أن باب التوبة مفتوح لمن أحسن التوبة. وفي هذه الآيات أيضا معنى واضح وإن تخفى وراء النص، يا بني آدم حتى الأنبياء يخطئون، فلا تثريب عليكم، فكل ابن آدم معرض للخطأ. إعجاز في العرض وإعجاز في تقديم الأمثال. وتمضي الآيات حتى يقول سبحانه:
وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين * فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين (سورة القصص: آية 20، 21).
ويخرج موسى من المدينة ليواجه الحياة لا يملك إلا إيمانه، وهو حسبه.
ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء
4
وأبونا شيخ كبير (23) فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير (24) فجاءته إحداهما تمشي على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين .
أرأيت سرعة في السرد .. وإبانة مع التفصيل، مثلما ترى في هذه الآيات؟ سقى وقص وأمنه أبو الفتاتين .. كل ذلك في آيات قلائل ونقلات سريعة متلاحقة، تلهث وراءها أنفاسك في متعة رائعة .. وهل نراك لاحظت كلمة على استحياء؟ إنها الإعجاز. لقد وقع موسى من نفس الفتاة موقعا حسنا، ولكن القرآن لا يذكر ذلك. وإنما يشير إليه هذه الإشارة المعجزة. فالاستحياء هنا من نفسها أنها تحس أنه وقع من نفسها، وهي تستحي من هذه المشاعر التي تخالجها. والكلمة في نفس الوقت تمهيد مغر لما سيجري بعد ذلك من أمور.
Halaman tidak diketahui