فرمقتني بنظرة كسيرة خلال دموعها وغمغمت: لقد بذل ما في وسعه، ولكن قضاء الله سبق! - من عسى أن يكون؟
فصمتت لحظة كأنها تأخذ نفسها، ثم قالت: الدكتور أمين رضا!
فسرت في جسدي رعدة شديدة، ورددت قولها في ذهول: «أمين رضا!»، ثم هتفت بها في غضب وازدراء: الدكتور أمين رضا؟! إنه شاب مبتدئ! .. ثم إنه إخصائي في الأمراض التناسلية!
فتولاها الارتباك، وراحت تقول: إنه كان أقرب طبيب إليها، وإنها ظنت أن الطبيب يفهم الأمراض كافة مهما كان اختصاصه، وإن الوقت لم يكن يسمح بالتردد ... إلخ إلخ. فانتظرت حتى انتهت وأنا أنتفض غضبا وحنقا، ثم انطلقت مني ضحكة باردة كرنين النحاس وصحت: طبيب تناسلي ويجري عملية في البروتون! .. لا عجب إذا كنتم قتلتموها!
ودرت على عقبي واندفعت إلى الباب وصحت بصوت كالرعد: يا دكتور!
وكررت النداء، حتى جاء من أقصى البيت ممتقع الوجه، ودخل الحجرة في خشوع لا يوائم كبرياءه المعهود، فشعرت نحوه بحنق وكراهية تضيق عنهما الأرض، وبادرته قائلا: أخبرتني الهانم أنك أجريت العملية التي قتلت زوجي، فهلا دللتني على ما جعلك تأخذ على عاتقك إجراء عملية جراحية خطيرة على رغم أن الجراحة ليست من اختصاصك؟!
وبدا في وجهه الانزعاج، وحدج نازلي هانم بنظرة غريبة أعادت إلى مخيلتي نظرة المرأة إلى صباح فطفح بي الحنق، وداخلني شعور غامض بأنهم يدارون عني أمرا خطيرا، وصحت به بوحشية: أجبني!
فالتفت نحوي مقطبا، وصمت لحظة كأنما يشاور كبرياءه الضائع، ثم قال بصوت منخفض: كانت في حاجة إلى عملية عاجلة!
فقلت وأنا أضرب كفا بكف: لماذا لم تدعوني؟ .. لماذا لم تستدعوا طبيبا جراحا؟!
فقالت الأم بجزع: لم يكن في الوقت متسع!
Halaman tidak diketahui