فرضيت وهي تعلم أنه يغالط ويراوغ في الجواب، وأحبت أن تشعر أنه لا يقبل تلك الممثلة الجميلة إذا أتيح له تقبيلها ... وهي تعلم أنه لا يقول صدقا ولا يعمد إلى الصراحة! ... وقالت وهي تضحك: لقد نجوت! إن قبلة تتمناها لهي خيانة في الضمير، ولا فرق بين خيانة الضمير وخيانة الواقع إلا التنفيذ.
وإذا خرجا للرياضة بعد الفراغ من الصور المتحركة فكثيرا ما كانت تمد يدها إلى مفكرته في جيبه فتكتب فيها كلمة تناسب رواية الليلة، أو تناسب الرياضة التي خرجا لها إن كانت مناسبة ملحوظة.
فكتبت مرة وقد شهدا رواية المرأة المترجلة: «هل أعجبتك رواية المرأة المترجلة؟ أما أنا فسأكون لك امرأتك فقط.»
وكتبت مرة أخرى وقد شهدا رواية المرأة المحتالة: «أرجو ألا ترى المرأة المحتالة إلا في السينما، أما في الحياة فحسبك المخلصة ... فلانة.»
وربما مضت سنة أو سنتان على مشاهدة الرواية وهي تذكر كل كلمة قالها في التعليق عليها أو في انتقادها، فاتفق يوما أنهما حضرا الصور المتحركة في إحدى الضواحي الصيفية، حيث تعرض المشاهد القديمة بعد سنة أو سنتين من عرضها في المسارح الكبيرة، وشهدا هناك رواية هزلية عن صياد فاشل يستعيض من فشله في الصيد بالمبالغة في الوصف والحكاية، فكان يرفع البندقية ويطلق الطلقة الواحدة في اتجاه واحد فيقع الطير على يمينه وشماله من جميع الجوانب، ويظل يتساقط من هنا وهناك إلى ما بعد إطلاق البندقية بلحظة غير قصيرة.
فقال لها: أليس الأحسن والأبرع أن يسقط هذا الطير مشويا على الأطباق؟
فضحكت طويلا وقالت: أتذكر؟ إنك قلت هذه الكلمة بعينها عندما شهدنا هذه الرواية في البلد للمرة الأولى!
ولا يندر أن يسمع منها أثناء التمثيل كلمات سريعة وتعليقات مبتدرة تكشف بها - على غير قصد منها - عن أعمق أعماق المرأة، وتهزأ فيها بالرياء الأنثوي الذي يبدو في خجل المرأة وامتناعها.
من ذلك أنهما شهدا رواية من روايات الثورات يبدو فيها طريد جريح مهدد الحياة بجراحه، ومهدد الحياة بمطاردة أعدائه، وقد لاذ بأحد البيوت فأكرمه أهل البيت وكتموا أمره، وتعهدته بالعلاج فتاة فيما دون العشرين من العمر سليمة القلب وسيمة الطلعة ممشوقة القوام، فمالت إليه شفقة ثم مالت إليه حبا، ثم تمالك نفسه بعد طول العلاج، حتى انفردا في بعض الجلسات فبلغ من سرورها به وسروره بها أن نظر إليها ونظرت إليه، وعيونهما تومض بالمحبة، ثم اعتنقا في قبلة طويلة جارفة ...
وكان بين المتفرجين على مقربة منهما سيدة نصف في نحو الأربعين، وفتيات ناهدات في مثل سن الفتاة، فصاحت السيدة: انظرن إلى الخائن! ... إنه خدعها!
Halaman tidak diketahui