41

فقالت له لياليا بصوتها الرقيق الحلو: «كما تحب.»

ومطت أعضاءها وثنت جفونها قليلا كالقطة، ومنحت القمر ابتسامة ودخلت.

ولبث يوري دقائق في مكانه يرصد الظلال الكثيفة التي ترميها المنازل والأشجار، ثم مضى على سمث سمينوف.

ولم يكن سمينوف قد أبعد فقد كان مشيه بطيئا وكان ينحني كلما سعل. وفي أثره ظله يطارده على الطريق المقمر، فأدركه يوري ولم تلبث عينه أن أخذت ما طرأ عليه من التغيير، فقد كان سيمينوف أثناء العشاء يضحك ويمزح، كما لم يضحك سواه، ولكنه الآن يمشي مكتئبا غارقا في نفسه وفي سعلته الجوفاء شيء من اليأس والوعيد، كالداء الذي يخامره فقال بصوت رأى فيه يوري نفورا: «أهذا أنت؟» - «لم أطلب النوم إذا سمحت رافقتك.»

فقال سمينوف بدون احتفال: «نعم. افعل.»

وسأله يوري: «ألا تحس البرد؟» وإنما سأله لأن هذا السعال المزعج نبه أعصابه.

فأجابه متضايقا: «إني دائما بردان.»

وتألم يوري كأنه كان تعمد أن يلمس جرحا داميا. وقال: «هل تركت الجامعة منذ زمن طويل؟»

فلم يجب سمينوف مباشرة وقال بعد برهة: «زمن طويل.»

فشرع يوري يحدثه عن إحساس الطلبة، وما يعدونه جوهريا مهما وكان يتكلم في أول الأمر بهدوء وسكون، ولكنه أرسل نفسه على سجيتها وحمس تدريجيا وأجاد الإعراب عن خواطره.

Halaman tidak diketahui