وكان وهو يتمتم هذه الكلمات يحس أنه كان ينبغي أن يقول شيئا يخالفها وأن عواطفه كان يجب أن تكون غير ذلك أيضا، وما كاد ينطق بها حتى أيقن أن الجواب سيكون «لا» ووقع في نفسه أن أمرا بالغا غاية السخافة سيحدث.
فسألته ليدا: «زوجة من؟»
ثم ما عتمت أن صبغ وجهها الخجل فنهضت نهوض من يهم بالكلام ولكنها لم تقل شيئا. وانصرفت عنه بوجهها وهي مرتبكة فاستقبلها القمر بنوره وقال نوفيكوف: «إني أحبك!»
ولم يعد القمر يضيء في عينه وأخذ بمخنقه النسيم وشعر كأن الأرض ستنشق تحت قدميه ثم قال: «لست أحسن إلقاء الخطب - ولكن - هذا لا يهم - إني أحبك جدا.»
ثم حدث نفسه: «أأقول جدا؟ لكأني أحدثها عن القشدة المثلجة!»
وأخذت ليدا تعبث وهي مضطربة بورقة صغيرة هوت من الشجرة إلى يديها وحيرها ما سمعت إذ كان غير متوقع ولا طائل تحته. هذا إلى أنه أشعرها إحساسا جديدا من الكلفة البغيضة بينها وبين نوفيكوف الذي كانت تنزله منذ صباها منزلة القريب وتحبه على هذا الاعتبار فقالت: «لا أدري ماذا أقول؟ إني ما فكرت في هذا قط!»
فأحس نوفيكوف ألما وفتورا يعتوران قلبه كأنما سيكف عن الخفقان ونهض مصفرا وتناول قبعته.
وقال وهو لا يكاد يسمع صوته وتلوت شفتاه المرتجفتان عن ابتسامة لا معنى لها: «عمي مساء.» - «أذاهب أنت؟ عم مساء.»
وضحكت ضحكة عصبية ومدت يدها فصافحها نوفيكوف مسرعا وسار دون أن يغطي رأسه إلى الحديقة، ولما بلغ الظل وقف جامدا وأمسك رأسه بكلتا يديه وخاطب نفسه: «رب! لقد قضيت لي مثل هذا الحظ! أأقتل نفسي؟ كلا! هذه سخافة أأقتل نفسي؟»
ودار بذهنه كل خاطر ضال غامض بمثل خطف البرق، وأحس أنه أشقى الناس وأذلهم وأسخفهم.
Halaman tidak diketahui