فنظر سانين إلى عينيها الذكيتين وإلى جدائل شعرها الجميلة المرسلة على كتفيها وقال لنفسه: «إنها فتاة ذكية الفؤاد.»
ووثب سولوفتشك كأنما يهم بالخروج ولكنه استعاد صوابه فتظاهر بأنه يتناول سيجارة على المنضدة. ولم تفت جوشنكو هذه الحركة فقال ولم يجب ديبوفا: «ما أكثر قلقك وحركاتك يا سولوفتشك.»
فاحمر وجه سولوفتشك وتجهم وخالجه الأسف على حماسته التي لا تستحق أن يكون جزاؤها هذا التعنيف، ثم دخل نوفيكوف وهو باش مبتسم: «هذا أنا.» فقال سانين: «وكذلك نراك.» وتصافحا. وهمس نوفيكوف في أذن سانين على سبيل الاعتذار: «إن ليدا تستقبل زوار اليوم.»
وعاد طالب الهندسة إلى موضوعه فسأل: «هل جئنا لنتكلم؟ ألا دعونا نبدأ!»
فقال نوفيكوف والسرور باد عليه: «إذن فأنتم لم تبدءوا بعد؟» وصافح العاملين اللذين وثبا على أقدامهما وارتبكا لمقابلته هنا مقابلة الند والزميل وهو لا يعاملهما في المستشفى إلا معاملة من هم دونه.
ثم أخذ جوشنكو يتكلم وبه بعض الغيظ وقال: «أيتها السيدات، ويا أيها السادة. إننا كلنا نريد بطبيعة الحال أن نوسع آفاقنا ونعمق نظرنا إلى الحياة، ولما كنا نعتقد أن خير وسيلة لتهذيب النفس أن نضع طريقة منتظمة للمطالعة وتبادل الآراء فيما نقرأ فقد رأينا أن ننشئ هذا النادي. والمسألة الآن هي: أي كتب نقرأ؟ ربما استطاع بعضكم هنا أن يقترح شيئا.»
فوضع شافروف نظارته على عينيه ونهض في بطء وفي إحدى يديه مذكرة صغيرة وقال بصوته الجاف المنفرد: «أرى أن نقسم برنامجنا قسمين. ولا بد في تهذيب عقولنا وصقلها من أمرين؛ دراسة تبدأ بأول أطوارها، ودراسة الحياة كما هي في الواقع.»
فقالت ديبوفا: «إن شافروف قد بدأ يتفصح.»
واستمر شافروف: «فأما الأول فيتم بقراءة الكتب العلمية والتاريخية القيمة والثاني طريقه كتب الأدب ومنها نواجه الحياة.»
ولم يسع ديبوفا إلا أن تقول وفي عينيها لمعة خبيثة: «إذا مضيت في كلامك على هذا النحو فسيأخذنا النوم.»
Halaman tidak diketahui