128

قال ذلك بصوت أهدأ وأعطى الجندي ورقة بمائة روبل.

فقال الخادم: «حسن يا سيدي.» وحيا وخرج.

ثم أغلق سارودين صندوق نقوده ورد الدرج وأدار فيه المفتاح واستطاع تاناروف أن يرى الصندوق الذي يحتوي الخمسين روبيلا التي به الحاجة إليها، ثم تنهد وأشعل سيجارة وهو على أشد ما يكون ألما، ولكنه خشي أن يظهر ألمه لئلا يزداد سارودين غضبا واكتفى بأن يقول لنفسه: «ما قيمة روبيلين عنده؟ إنه يعلم علم اليقين أني في ضيق شديد.»

وظل سارودين يروح ويجيء في الغرفة والغضب باد عليه إلا أنه كان يهدأ شيئا فشيئا، ولما عاد الخادم بالجعة كرع كوبا من هذا الشراب المرغي المثلج بالتذاذ واضح، وبعد أن مص حافة شاربيه قال كأنما لم يكن قد حدث شيء: «لقد عادت ليدا إلي أمس! تالله ما أحلاها! حارة حامية!»

وكان تاناروف لا يزال متوجعا فلم يجبه ولم يلتفت سارودين إلى صمته. واجتاز الغرفة في بطء وفي عينه ضحكة ذكرى مكتومة. وجعل الحر كيانه القوي الصحيح أحس بتأثير الخواطر المثيرة. ثم ضحك ضحكة قصيرة فكأنما كان يصهل ثم وقف وقال: «تعلم أني البارحة حاولت ...»

وهنا استعمل لفظة خشنة وضيعة لا يليق أن يشار بها إلى امرأة واستأنف الكلام. «فتأبت قليلا في أول الأمر، يا لنظرة عينيها أنت بالضرورة تعرف.»

فابتسم تاناروف ابتسامة الشهوان وقد ثارت غرائزه الحيوانية.

وقال سارودين والذكرى ترعش منه: «ولكن بعد ذلك لانت أعطاف الأمور. لم يمر بي مثل هذا الوقت في حياتي كلها.»

فقال تاناروف حاسدا إياه: «ما أسعد حظك!»

وصاح بهما صوت من الشارع: «هل سارودين هنا؟ أندخل؟»

Halaman tidak diketahui