وكان الليل مشرقا في سكون وجلال.
لما كانت سينا كارسافينا وزميلتها دوبوفا غائبتين في زيارة كانت حياة يوري مملة فاترة. وكان أبوه أبدا في شاغل من «النادي» أو من شئون البيت.
ولم تكن لياليا وريازانتزيف يرتاحان إلى وجود شخص ثالث معهما فكان يوري يجانبهما.
وصار من عادته أن يبكر في الذهاب إلى مضجعه وأن لا يقوم إلا وقت الغداء، وكان يقضي نهاره كله بين غرفته والحديقة مفكرا في أموره، منتظرا أن تساعفه موجة نشاط تدفعه إلى عمل جليل.
وكان هذا العمل الجليل يتخذ في كل يوم صورة، فيوما يكون صورة ويوما يكون سلسلة مقالات تكشف للعالم عن الخطأ الجسيم الذي وقع فيه [الديمقراطيون الاشتراكيون بأن لم يعقدوا ليوري الزعامة في حزبهم]. وطورا تكون مقالا في الحث على معاضدة الشعب والتعاون معه، مقالا شاملا ضافيا في الموضوع. ولكن كل يوم كان يمضي عليه ولا يخلف له سوى السآمة.
وجاء إليه نوفيكوف وشافروف مرة أو مرتين يزورانه.
وحضر يوري بعض المحاضرات وأدى بعض الزيارات، غير أن هذا كله كان في نظره فارغا لا خير فيه وليس هو بالذي يفكر فيه أو يظن أنه يفكر فيه.
وفي يوم من الأيام ذهب لزيارة ريازانتزيف وكانت غرف هذا الطبيب رحيبة مهواة حافلة بكل ما يحتاج إليه الرجل الصحيح الجسم المعافى البدن من وسائل التسلية؛ فمن عصى هندية إلى كتل حديدية وسيوف وأدوات الصيد وحقائب للطباق، وغير ذلك مما هو بسبيل الملاهي التي يباشرها الرجال الأصحاء.
فرحب به ريازانتزيف وأحسن ملاطفته ومحادثته وقدم له السجائر ثم سأله أن يخرج معه للصيد.
فقال يوري: «ليس معي بندقية.»
Halaman tidak diketahui