وقد استوحيت بعض الأفكار المتعلقة بالكواكب الاصطناعية من الكتاب الرائع الصغير «العالم والجسد والشيطان» للسيد جيه دي برنال. وأرجو ألا يستهجن بشدة معالجتي لهذه الأفكار.
أما زوجتي فيجب أن أشكرها على عملها في مراجعة البروفات ولعفويتها وإخلاصها لي.
أولاف ستيبلدون
مارس 1937
الفصل الأول
الأرض
(1) نقطة البدء
ذات ليلة حين شعرت بالمرارة، خرجت ذاهبا إلى التل. أبطأ الخلنج المعتم من حركة قدمي. في الأسفل، امتدت مصابيح الضاحية. والنوافذ ذات الستائر المسدلة كانت عيونا مغلقة تشاهد داخليا حياة الأحلام. وبعد الظلام الممتد على مستوى البحر، كان ثمة منارة تومض. وفي الأعلى كان هناك ظلام. ميزت منزلنا، جزيرتنا الصغيرة في تيارات العالم المضطربة والمريرة. هناك، على مدار عقد ونصف من الزمان، أنا وزوجتي، اللذان نختلف للغاية في سماتنا الأساسية، قد نضجنا ونما أحدنا في الآخر لما كان بيننا من دعم وتغذية مشتركة، في نظام تكافلي معقد. هناك خططنا مهامنا العديدة كل يوم، وروينا غرائب اليوم ومضايقاته. هناك تراكمت خطابات يجب الرد عليها، وجوارب يجب رتقها. هناك ولد الأطفال؛ تلك الحيوات المفاجئة الجديدة. وهناك، تحت ذلك السقف، كانت حياتانا، نحن الاثنين - اللتان كانتا تعاند أحيانا كل منهما الأخرى - حياة واحدة طوال الوقت لحسن الحظ؛ حياة أكبر وأكثر وعيا من حياة أي منا بمفرده.
كل ذلك كان جيدا بالتأكيد. بالرغم من ذلك، كان هناك شعور بالمرارة. وتلك المرارة لم تغزنا من العالم الخارجي فحسب، بل نمت داخل دائرتنا السحرية أيضا؛ ولهذا فالرعب من لا جدوانا ومن انعدام واقعيتنا، لا من هذيان العالم فحسب، قد دفعني للخروج والذهاب إلى التل .
كنا نسرع دائما من مهمة صغيرة عاجلة إلى أخرى، غير أن المحصلة كانت واهية. أيمكن أن نكون قد أخطأنا فهم وجودنا بأكمله؟ أيمكن أننا كنا بطريقة ما، نعيش انطلاقا من فرضيات خاطئة؟ وهذه الشراكة القائمة بيننا على وجه التحديد، هذه الدعامة التي تبدو رائعة التأسيس للتحرك في هذا العالم، ألم تكن في نهاية المطاف سوى دوامة صغيرة من الحياة المنزلية الراضخة المنعزلة، التي تدور على سطح الفيض العظيم دون جدوى، وهي ذاتها لا تحمل عمقا ولا أهمية؟ أيمكن أن نكون بالرغم من كل شيء قد خدعنا أنفسنا؟ هل نكون كالكثيرين من غيرنا لم نعش في حقيقة الأمر خلف تلك النوافذ السارحة الفكر سوى حلم؟ في عالم مريض، حتى المعافى يكون مريضا. ونحن الاثنان؛ إذ كنا ندور في حياتنا الصغيرة دون تفكير في معظم الأحيان، ونادرا بوعي صاف أو عزم قوي، كنا نتاج عالم مريض.
Halaman tidak diketahui