(وأَحسَبُهُ قد عاشَ آخرَ عُمرهِ ... مدى الدَّهْر إِن أَبقى الجَميلَ من الذِّكر)
(فكُن عَارِفًا أَخْبَار من مَاتَ وانقضى ... وكُنْ ذَا نوَالٍ تغتنم أطولَ العُمرِ)
فَهُوَ فن غزير عَزِيز الْمَذْهَب جم الْفَائِدَة شرِيف العائدة إِذْ هُوَ يوقفنا على أَخْلَاق الْأَنْبِيَاء فِي هدى رسالتهم وأحوال الْخُلَفَاء والملوك فِي دولهم وسياستهم حَتَّى تتمّ فَائِدَة الِاقْتِدَاء بهم فِي ذَلِك لمن يرومها فِي أَحْوَال الدّين وَالدُّنْيَا ويطلع طلع حقائق الْأُمُور غنية بالتصريح عَن الرموز والكنيا وفن التَّارِيخ مَا برح بِهَذِهِ الْفَوَائِد كَفِيلا وَمَا فتئ يَأْتِي بالأخبار على وَجههَا جملَة وتفصيلا فَهُوَ كالمرآة الصقيلة من نظر فِيهَا كشفت لَهُ عَمَّا لَا يحسن عِنْده أَو يَقُول باستحسانه وَيصير بِمَعْرِفَة من تقدم بِمَنْزِلَة من شَاهد المغيبات بعيانه ولولاه لأصبحت المآثر وَهن الدَّوَائِر ورسوم المكارم لَيْسَ لَهَا معالم ومناهل المحاسن ذَات مَاء آسن فَلم يزل الْخلف متطلعين لأخبار من سلف ومتتبعين لزهرات محاسنهم الَّتِي تقتطف لتقتفي آثَارهم فِيمَا كَانَ لَهُم من الْأَفْعَال الحميدة وينشر مَا طواه الدَّهْر من مآثر فضائلهم العديدة وَكنت عِنْد مطالعتي كتب السّير والتواريخ واستجلائي ثَمَرهَا من يَانِع الشماريخ أحاول جمع كتاب من مجموعها مَجْمُوع حاو طرف أَخْبَار تحسد الْعين أذنها أَنَّهَا من مقولة المسموع فَلم يزل الدَّهْر مَانِعا من صرف الهمة إِلَى نحوهذا المبتدا وَكلما نصبت نول حياكته صير ذَلِك السدى سدى إِلَى إِن جَاوَرت سنة أَربع وَتِسْعين والف بمدنية الرَّسُول فتوجهت إِلَى الله فِي تَبْلِيغ المأمول واستخرت الله تَعَالَى عِنْد ذَلِك وَسَأَلت من كرمه الْإِعَانَة على مَا هُنَالك وفوقت السهْم إِلَى مَا أردْت فَأصَاب بِحَمْد الله شاكلة الصَّوَاب واطلع الله الْفِكر على مَا اشْتهيت وهيأ لي الْأَسْبَاب وَلَا شكّ إِن لشمس النجع مِيقَات ولقضاء الْحَوَائِج أَوْقَات فشرعت فِيهَا زمَان فت فِي الْأَعْضَاء وابطل جَانب الثِّقَة والاعتضاد إِن توسل فِيهِ اللبيب ببلاغة الصادين لم يرو غلَّة صَاد وَلم ير إِلَّا خديعة من مداهن أَو مضاد وَلَو دوخ مَا وَرَاء قَاف لم يحظ بكاف مَا دهاه وَلَا لحظته بِنَظَر الْعَطف عين رَاء كَمَا اشتهاه أَو نثر مَا يضاهي حلق الدروع تأسيا لَام إِذا لَهُ مسبحا ذيل ملام لكنني استدمت عَلَيْهِ بجوار رَسُول الله والقرابة واستمددت من نواله العذب الجم طَاقَة
1 / 58