كما نرى في الشتاء ، فإن الحرارة تكمن في جوف الأرض ، فيبقى داخلها حارا. وأما عند هبوب الجنوب فالحرارة تخرج من داخل الماء كما نرى في الصيف فإن الحرارة تخرج من جوف الأرض إلى ظاهرها ، ويبقى (داخلها باردا يعود إلى طبعه) (1)، والعرب تحمد الجنوب لأنها تنشيء السحاب ، ويزعمون أن اللواقح إنما تكون من الجنوب ، ولا مطر مع شيء من الرياح ، والله أعلم. انتهى من عجائب المخلوقات.
وكل ريح انحرفت عن مهاب هذه الرياح الأربع فوقعت بين ريحين منها فهي نكباء ، وجمعها : نكب. ونظم بعضهم مهاب الرياح فقال :
شملت بشام والجنوب تيامنت
وصبا بشرق والدبور بمغرب
فائدة سنية : قال العلامة بدر الدين الدماميني (2) في شرح التسهيل : قال ابن هشام : سألني سائل ، من أين تهب الصبا؟ فأنشدته (3):
ألم تعلمي يا عمرك الله أنني
كريم على حين الكرام قليل
ولم يزد على ذلك ، وفيه غموض فتنبه. انتهى.
وقال في شرح المغني بعد حكايته ذلك : وجه صلاحية هذا للجواب ، إنه اشتمل على بناء (حين) المضافة إلى الجملة في قوله (على حين الكرام قليل). فأشار به بيت مشارك له في هذا الحكم ، وهو قول الشاعر :
إذا قلت هذا حين أسلو يهيجني
نسيم الصبا من حيث يطلع الفجر (4)
Halaman 104