وجملة الحال الآن كما قال الصلاح الصفدي (*):
لزمت بيتي مثل ما قيل لي
ولم أعاند حادث الدهر
والحكاية المشار إليها هي هذه :
حدث بعضهم قال : كنت بالشام متصرفا في بعض أعمال السلطان فلم تنبسط يدي لأداء ما لزمني من المال ، فأدخلت في الحبس حبس الجرائم فرأيت ساعة حصلت فيه من عظيم بلاء أهله ، وقبح صورهم ، وموحش أمرهم ، وما كانوا عليه من وسخ الثياب ونتن الروائح ما حبب إلي الموت ، وصارت بليتي بواحدة عشرا ، واندفعت أبكي وأنتحب وأدعو وأتململ. فأقبل علي أهل السجن وقالوا : ما لك تبكي؟ أما لك بنا أسوة وفينا سلوة؟. فلم يكن قولي إلا أن قلت : اعذروني فإنني ما ألفت الشقاء وبؤس المعيشة ، ورزاحة الحال وسوء المسكن. فقالوا : ولا كلنا أهل بلاء وشقاء ، وفينا ضروب من المترفين المنعمين ، وفينا من ظلمه خمارويه بن طولون (2) على غير حق ليقتلنا ، وعساك حبست على مال ، وأخذت بواجب. ثم ان في هذا الحبس واحدا من أولاد الأمراء لم نر أنبل منه ولا أجل ولا أرفع محلا ، ولا أسوء
Halaman 288