ومن العجيب أن الفيل مع هذه الأوصاف التي نقلناها قليل الجري جدا يسبقه الإنسان إذا سابقه ، ولا أشك في كون الحكاية التي ذكرها أبو نعيم في الحلية في ترجمة أبي عبد الله القلانسي موضوعة ، حيث قال فيها : إن الفيلة سارت به في ليلة مسيرة ثمانية أيام. ولا يصح ذلك البتة (3). وقد ذكر من لم ير الفيل في حليته أوصافا أكثرها غير صحيح.
منها : أن خرطومه مصمت ، وليس كذلك ، فإنه مجوف إلا أنه لا ينفذ وإنما هو وعاء إذا ملأه من طعام أو شراب أولجه في فمه ، لأنه قصير العنق لا ينال ماء ولا مرعى.
ومنها أن صياحه ليس على مقدار جثته ، لأنه كصياح الصبي ، والحال أن صوته هائل قريب من رغاء البعير ، إلا أنه أمد منه صوتا.
ومنها قولهم : أنه لا يبرك ، وقد شاهدنا بروكه.
ومنها قول القزويني (4) أن فرج الفيلة تحت ابطها ، فإذا كان وقت الضراب ارتفع وبرز للفحل حتى يتمكن من إتيانها ، وهذا غلط البتة ، فإنها كسائر أناثي الحيوانات أولات الأربع.
ومنها قولهم : إن صياحه من خرطومه ، وليس كذلك ، وإنما يصيح من حلقه. وقد ذكر من اعتنى بأخبار الحيوان من أخباره شيئا كثرا ، والاختصار بنا أولى.
ووصف بعض العرب الفيل فقال : لا ظهر فيركب ، ولا ضرع فيحلب.
Halaman 154