وترك وقتها وترك واجباتها وأركانها، وأيضا إن مؤخرها عن وقتها عمدا متعد لحدود الله كمقدمها عن وقتها فما بالها تقبل مع تعدي هذا الحد ولا تقبل مع تعدي الحد الآخر؟.
قالوا: وأيضا فنقول لمن قال إنه يستدركها بالقضاء: أخبرنا عن هذه الصلاة التي تأمر بفعلها هي التي أمر الله بها أم هي غيرها فإن قال هي بعينها قيل له فالعامد بتركها حينئذ ليس عاصيا لأنه قد فعل ما أمر الله به بعينه فلا يلحقه الإثم والملامة وهذا باطل قطعا وإن قال ليست هي التي أمر الله بها قيل له فهذا من أعظم حججنا عليك إذا ساعدك أن هذه غير مأمور بها.
ثم نقول أيضا ما تقولون في من تعمد تفويتها حتى خرج وقتها ثم صلاها: أطاعه صلاته تلك أم معصية؟ فإن قالوا: صلاته طاعة وهو مطيع بها خالفوا الإجماع والقرآن والسنن الثابتة، وإن قالوا: هي معصية قيل فكيف يتقرب إلى الله بالمعصية وكيف تنوب المعصية عن الطاعة؟ فإن قلتم: هو مطيع بفعلها عاص بتأخيرها وهو أنه إذا تقرب بالفعل الذي هو طاعة لا بالتفويت الذي هو معصية قيل لكم الطاعة هي موافقة الأمر وامتثاله على الوجه الذي أمر به فأين الله ورسوله ممن تعمد تفويت الصلاة بفعلها بعد خروج وقتها حتى يكون مطيعا له بذلك، فلو ثبت ذلك لكان فاصلا للنزاع في المسألة.
قالوا: وأيضا فغير أوقات العبادة لا تقبل تلك العبادة بوجه كما أن الليل لا يقبل الصيام وغير أشهر الحج لا يقبل الحج وغير وقت الجمعة لا تقبل الجمعة فأي فرق بين من قال أنا أفطر النهار وأصوم الليل أو قال أنا أفطر رمضان في هذا الحر الشديد وأصوم مكانه شهرا في الربيع أو قال أنا أؤخر الحج من شهره إلى المحرم أو قال أنا أصلي الجمعة بعد العشاء الآخرة أو أصلي العيدين في وسط الشهر وبين من قال أنا أؤخر صلاة النهار إلى الليل وصلاة الليل إلى النهار فهل يمكن أحدا قط أن يفرق بين ذلك.
قالوا: وقد جعل الله سبحانه للعبادات أمكنه وأزمنة وصفات فلا ينوب مكان عن المكان الذي جعله الله مكانا ميقاتا لها كعرفة ومزدلفة ومنى ومواضع الجمار
1 / 73