Salam Dunia
السلام العالمي ونصيب المرأة في تحقيقه
Genre-genre
وليست هذه القصة وليدة الخيال؛ ففي حوادث العالم آلاف من أمثالها. حيث ترتفع المرأة إلى ذروة الكمال، وتفني نفسها وآمالها وآلامها، وتضحي بسعادتها لأجل الغير، وتفنى في سبيل واجبها الإنساني الأسمى.
سادتي وسيداتي
لقد أوضحت لحضراتكم باختصار المجهودات النبيلة التي قامت بها المرأة في معظم بلاد العالم خدمة السلام والإنسانية، وكيف أبدع بعض الكتاب في تصوير شعورها بالواجب الإنساني وقوة إرادتها وصبرها على المكاره وعدم انقيادها لثورة الغضب، وإني لأعتقد بأن المرأة لو كانت تملك حق التشريع وقوة التنفيذ في كل البلاد لحالت دون وقوع الحرب العظمى بما وهبت من مرونة في المعاملة، وترو وتقدير للعواقب أكثر من الرجل، ولما وضعت شروط الصلح التي أملتها أنانية الظافرين على الأساس الواهي الذي انهار أمام القوة، ولما ضاعت مجهودات ولسن وأموال كارنيجي سدى في السعي وراء السلام، ولما أخفق ميثاق بريان كيلوج، ولما انتاب الضعف عصبة الأمم. وأظن أنكم لاحظتم أن الفضل الأول في نشر فكرة السلام يرجع إلى السعي المتواصل والتشجيع الأدبي والمادي الذي بذله عظماء الولايات المتحدة وعظيماته أمثال الرئيس ولسن، والمستر كارنيجي، ومسز أدمس وغيرهم. وأن معظم الجمعيات الأوروبية التي تعمل لنشر السلام وتوطيد العلاقات الودية بين الأمم تغذيها أمريكا بأموالها وأفكارها، ولو كان للنساء حق إملاء إرادتهن على حكوماتهن لما انتهكت حرمة المعاهدات والوثائق، ولما أريقت الدماء البريئة في الصين وفي الحبشة، ولما اشتعلت نار الفتنة الأهلية التي أثارتها المطامع السياسية في إسبانيا، فدمرت وخربت وأعادت مأساة قابيل وهابيل، ولما حدث ما أثار كره إيطاليا وألمانيا لليهود، ولما أصبح الصهيونيون بلا مأوى، ولما جرأت إنجلترا على محاربة مداواة الظلم بظلم أفظع منه كما تفعل في فلسطين، ولما اتخذت جيوشها من الأراضي المقدسة مهد التآخي والوئام ساحة قتال وتخريب؛ تهرق فيها الدماء بلا سبب، وتزهق الأرواح بلا جريمة، وترتفع فيها أنات الثكالى واليتامى والأرامل طالبة من الله العدل والقصاص.
سادتي وسيداتي
في مثل هذا اليوم من عام 1917 استولت الجيوش الإنكليزية على القدس، ودخلتها وعلى رأسها الجنرال اللنبي مترجلا احتراما لقدسية ذلك المكان. دخلت تلك الجيوش لتحرير شعب فلسطين من الاستعمار التركي برا بالعهود التي قطعتها إنجلترا للملك حسين، والتي رأت لتحقيقها أن تبسط وصايتها على هذا الشعب المنكود الحظ؛ كي تساعده على النهوض الأدبي والمادي الذي يضمن له مستقبلا زاهرا بالحرية والرخاء. ولقد مضى ما يقرب من ربع قرن وهذا الشعب المسكين يقاسي تحت نير ذلك الانتداب من أنواع الظلم والتعذيب ما تقشعر له الأبدان وتشمئز منه الإنسانية. فاسمحوا لي أن أرفع صوتي عاليا من فوق هذا المنبر المحترم باسم نساء الشرق وباسم الحق والعدل والسلام محتجة على ما يقوم به الجنود الإنجليزية في تلك البقاع المقدسة، مناشدة حضراتكم ونساء العالم الأوروبي ورجاله عامة أن يضموا أصواتهم إلى أصواتنا لمطالبة إنجلترا بوضع حد لهذا الظلم الصارخ الذي يدنس المدنية الأوروبية.
والآن أتوجه بالشكر الجزيل لحضراتكم لإقبالكم على سماع هذه المحاضرة وإصغائكم لها، رغم ما يتطلبه الموضوع من إطالة، أستمحيكم المعذرة إن كانت قد سببت لكم شيئا من الملل، وأتقدم بخالص الشكر إلى حضرات الأفاضل مدير قسم الخدمة العامة وزملائه المحترمين على ما أولوني من ثقة. أرجو أن أكون قد وفقت لاستحقاقها، والسلام عليكم ورحمة الله.
Halaman tidak diketahui