تعلم يا عماد الدين أن الإفرنج هم الذين طلبوا الهدنة فهم الذين يجب أن يبدأوا بقطعها، وفوق ذلك فماذا تنفع الحرب ونحن قد حاربناهم حتى مللنا وملوا؛ وذهب من رجالنا ورجالهم عدد كثير سالت نفوسهم على شرفات السيوف وظبى الرماح في سبيل الله وجهاده؟ ألا تعلم أنني أفضل هذه الهدنة على القتال؟
عماد الدين :
وكيف ذلك يا مولاي؟
صلاح الدين :
ذلك أنني أرجو أن يعقبها صلح وسلام ترجع به السيوف إلى أغمادها، أو أن يطول أمرها فيقع الشقاق بينهم فيختلفوا؛ فيكون لنا من اختلافهم تمام النصر غير أن نسفك دماء الرجال؛ لأنك تعلم أنهم قوم كثير والملوك والرؤساء وكل منهم يدعي السيادة لنفسه، وينازعها أخاه، ومن كان ذلك أمرهم فإن القتال إليهم أقرب من نصال سيوفهم إلى أغمادها، ولعلهم لا يطول شأنهم حتى يثور فيهم الشقاق؛ فينهض بعضهم على بعض، ويكفينا العدو حرب العدو.
عماد الدين :
إنها سياسة حسنة يا مولاي، وبها بلغت الملك لا بالسيف وحده، ولكنني أرى أنهم متفقون على رئيس قد جعلوه سيد أمورهم وولي شئونهم، وهو قلب الأسد صاحب جيش الإنكليز؛ لأنه أشدهم بأسا وأصدقهم عزيمة، وله قوة هائلة وشأن خطير.
صلاح الدين :
طالما سمعت عن بأس هذا الملك، وطالما رأيته في ساحة الوغى غارقا في حديد درعه وهو يضرب بسيفه الطويل حتى لقد أحببته، وملت إليه، وودت أن يجري لي معه حديث، وأن أرى وجهه في مقابلة بيني وبينه.
عماد الدين :
Halaman tidak diketahui