قال: «لم يأت للتطبيب لكنه يريد المبيت هنا، وهو من أهل القاهرة، وقد جاء للسفر في النيل فوجد السفينة التي يريد السفر عليها قد أقلعت، فأراد المبيت في الفسطاط إلى الصباح حتى يبكر إلى الشاطئ ويركب سواها. افتح يا عماه.»
قال: «لماذا لم يذهب إلى الخان، إنه قريب من هذا المكان.»
قال: «لا يريد المبيت في الخان، وهو لم يتعود ذلك، وأنا أتيت به إلى هنا خدمة لك.» وهمس في أذنه قائلا: «يظهر أنك لم تعرفني يا معلم حاييم.»
فتفرس فيه الشيخ وقال: «عرفتك يا جوهر، عفوا إذ لم أعرفك من قبل.»
قال: «لا بأس، وأنا جئت بهذا الطبيب ليبيت هنا، وهو كريم الخلق كثير المال لا يبالي كم تأخذون منه. الأحسن أن تخلو له البيت برمته واطلبوا عن كل حجرة منه دينارا، وإذا قال لكم إنه يحتاج إلى حجرة واحدة فقط، قل له إنك لا ترضى إلا بتأجير البيت برمته.» ففرح حاييم بهذا الرأي، ولم يكن في بيته كله ما يساوي إلا دينارين من الأثاث. فلما قال له جوهر ذلك رفع صوته وقال: «لا نقدر أن ندخل رجلا غريبا يبيت معنا، فإذا شاء الطبيب أن نؤجره البيت من بابه فعلنا.»
فقال جوهر: «أجرته؟» قال: «إن فيه خمس غرف، وأجرته خمسة دنانير.»
فتظاهر جوهر أنه يخادع قراقوش بالمساومة وقال: «إن خمسة دنانير كثيرة يا معلم حاييم. ألا تكفي أربعة؟» وضغط على إصبعه ألا يقبل.
فأجاب: «كلا، إذا لم يعجبكم فهذا الخان قريب من هنا.»
فأظهر أنه رضي وقال: «لا بأس، إن مولانا الطبيب كريم. وأنتم أين تنامون؟»
قال: «ليس عندي إلا امرأتي العجوز، فنبيت عند صهرنا وهو قريب من هنا.»
Halaman tidak diketahui