فقطع الآخر كلامه قائلا: «بل أشقى منه هذه المسكينة التي لا يبرح يعذبها ويضربها و...»
فقال: «صدقت، مسكينة! إن قلبي يتقطع عليها أحيانا. وكم حدثتني نفسي أن أنتصر لها ...»
فقال ذاك: «ما لنا ولها؟ إنما نحن نلتفت إلى مصلحتنا، فإذا وفي لنا بما وعدنا به حصلنا على السعادة الحقيقية. إذ نصير من كبار الأمراء! أليس كذلك؟»
فقال الآخر: «هل تعتقد كل ما يقوله الشيخ صحيحا؟»
فقال: «إذا لم يصح إلا بعضه فإننا نكون سعداء! يظهر أنك لم تفهم حقيقة مهمته عند شيخ الإسماعيلية.»
قال: «فهمتها، كيف لا أفهمها؟»
قال: «لا. لم تفهمها كما هي. اعلم أن مولانا الشيخ هذا كان صديقا للشيخ راشد الدين سنان رئيس الإسماعيلية الآن قبل أن صار رئيسا، وقد أعانه وارتكب معه أمورا كثيرة حتى تمكن راشد الدين من هذه الرياسة. فحسده صاحبنا، فأراد أن يعمل عملا يفوق به على صاحبه فذهب إلى مصر وطمع في الخلافة!»
فضحك الآخر وقال: «الخلافة؟»
قال: «نعم، طمع أن يكون خليفة وسمى نفسه أبا الحسن، وادعى النسب الفاطمي وصدقه الناس. ولما مات خليفة مصر العاضد بايعه جماعة من المصريين. ثم انكشف أمره لصلاح الدين وقبض على رفاقه ونجا هو بنفسه وجاء الشام. وأنت تعلم ما جرى بعد ذلك، وكيف كلف بعض الفدائيين الذين يقتلون القتيل بدرهمين فاختطفوا له هذه المرأة من بيتها، وهي تكرهه ولا تطيق أن تراه.»
فقطع الآخر كلامه وقال همسا: «احذر أن تذكر الفدائيين بسوء. فإننا في دارهم. وأما هذه المرأة فأنت لا تعرف من هي: مسكينة كم قاست منه! قبحه الله! لا أظن لها نجاة إلا بموته.»
Halaman tidak diketahui