Tahanan Tehran
سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
Genre-genre
وعندما استعدت إدراكي لما حولي أخيرا، وجدت أمي تقف بجواري حاملة في يدها طبقا من طعامي المفضل: يخنة اللحم بالكرفس والأرز. حل الظلام بالخارج، وأضيء المصباح في غرفتي. ألقيت نظرة على ساعتي، فوجدتها قد تجاوزت التاسعة. مرت ساعتان وأنا جالسة على فراشي، وكأن حزني قد فصلني عن العالم، مثل مقص يقتطع شكلا بسيطا من قطعة ورق.
قلت بصوت مرتفع: «لقد مات»، ولدي أمل في أن يساعدني قولها على فهم ما حدث.
قالت أمي وهي تجلس على حافة فراشي: «من؟» - «أراش.»
أشاحت بوجهها بعيدا عني. - «قتل في مظاهرة الثامن من سبتمبر. أطلق عليه الرصاص. مات.»
تنهدت وهزت رأسها: «يا للبشاعة! أعلم أنك كنت تحبينه. الأمر عسير للغاية، لكنك ستجتازينه، وستصبحين أفضل حالا. سأعد لك كوبا من الشاي.»
غادرت أمي الغرفة. من حين لآخر كانت تمنحني لحظات خاطفة من الحنان، ولكنها لم تكن تدوم طويلا، بل كانت تتوهج كالنجوم الساقطة ثم تختفي في الظلام.
استغرقت في النوم بعد احتسائي كوبا من شاي البابونج، غير أني استيقظت في منتصف الليل وأنا أشعر بحرقة في صدري. كنت أحلم بأراش. هرعت إلى خزانتي وأخرجت تمثالي الملائكي وتسللت أسفل الفراش. انطلقت من حلقي صرخات حادة، وكلما حاولت أن أهدئ نفسي ازداد الأمر سوءا، فسحبت وسادتي من فوق الفراش وغطيت بها وجهي. كنت أتمنى أن يأتي الملاك ويخبرني لم يموت الناس؛ أردته أن يخبرني لم يأخذ الموت أحباءنا، لكنه لم يأت مع أني ناديته. •••
في السادس من سبتمبر عام 1979 توفيت إيرينا بسبب أزمة قلبية. كنت قد فقدت اثنين من أحبائي قبلها، لكني لم أحضر جنازة في حياتي قط، فكانت جنازة إيرينا هي الأولى. وفي التاسع من سبتمبر ارتديت ملابس سوداء ونظرت في المرآة، فكرهت مظهري في الثياب السوداء؛ إذ بدوت نحيفة شاحبة مكسورة. حاولت أن أبدو قوية متماسكة، فخلعت الثياب السوداء وارتديت تنورتي البنية المفضلة وقميصا كريمي اللون. لا بد أن إيرينا كانت ستفضل هذه الثياب أكثر.
وفي طريقي إلى موقف الحافلات، ذهبت إلى محل الزهور واشتريت باقة من الزهور الوردية، وفي الحافلة جلست بجوار النافذة أشاهد الشوارع. اختفت كل الألوان ومظاهر البهجة من المدينة، فالناس لا يرتدون سوى الثياب الداكنة الألوان وينظرون للأسفل وهم يسيرون في الطريق كأنهم يتجنبون النظر بعضهم إلى بعض وإلى المناظر المحيطة بهم. كادت كل الجدران تعلوها شعارات تنمي الشعور بالكراهية.
لم يكن هناك قساوسة بالكنيسة الروسية الأرثوذكسية بطهران، فأقيمت الجنازة بالكنيسة اليونانية ودفنت إيرينا في المقبرة الروسية. شعرت بالغبطة لأنني تمكنت من حضور جنازة إيرينا، فقد أصبحت أقدر قيمة الحصول على فرصة بأن أقول وداعا.
Halaman tidak diketahui