Tahanan Tehran
سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
Genre-genre
ولدينا، في الأخير، مارينا «الطفلة»، التي كانت ترمي بخيوط من الذاكرة العميقة، بين الحين والآخر، لتتداخل مع نسيج ذاكرة المعتقل.
مارينا «الناضجة» حين كانت تكتب، لم تستغل وعيها كامرأة ناضجة لتتدخل في الأحداث المبكرة، بل تركت القلم لمارينا «الصبية» لتحكي تجربتها بوعي فتاة تخوض محنة المعتقل لأول مرة في حياتها النقية، مثلما تركت مارينا «الطفلة» لتحكي عن مرح طفولتها بوعي طفلة صغيرة تنتظر ظهور الملاك الطيب لينقذها، كلما مرت بأزمة صغيرة، مما يمر به الأطفال من أزمات تليق بأعمارهم النحيلة.
كانت مارينا الطفلة قد شاهدت الملاك الطيب حين كسرت مطفأة السجائر الكريستال، فخافت من عقاب الأم، وركضت لتختبئ تحت السرير مرعوبة، فجاءها الملاك الوسيم وانحنى لينظر إليها في ظلمة المخبأ ويطمئنها أن كل شيء على ما يرام. ولكنه لم يأت حين نادته، وهي مارينا «الصبية»، في محبسها بإيفين لينجدها؛ كانت قد كبرت، والملائكة الطيبون لا يظهرون، فيما يبدو، إلا للصغار الأنقياء.
عقدة الرواية
لكل رواية عقدة
Climax
وهي ذروة تداعيات الأحداث في الدراما، التي بعدها تبدأ تداعيات الهبوط وصولا إلى لحظة النهاية التي عندها تنتهي الأحداث بحل تلك العقدة على أي نحو. ولدينا في «سجينة طهران» عدة ذرى بوسعنا أن نعدها العقدة الرئيس. على أنني أعتبر أن لحظة الذروة في الحكاية الدرامية هي «زواجها» من علي، الجلاد الذي هام بها حبا، وفعل المستحيل حتى انتزع لها قرارا من الخميني بالعفو؛ ليتحول حكم الإعدام إلى سجن مدى الحياة، ثم أرغمها على قبول الزواج منه، ثم أجبرها على الإسلام. لم تنجح مارينا في مبادلته الحب، بالرغم من كل ما منحها من حنو وتفان في الاسترضاء، حتى إنها كرهت العفو الذي جاءها به لحظة الإعدام، وتمنت أن تموت على أن يصحبها إلى عنبر السجن حية. أخفقت في حبه بالرغم من حبه وبالرغم من حنو أسرته الطيبة عليها، وبالرغم من محاولاتها الحقيقية أن تبادله الحب.
هذا، على عكس رواية أخرى لسجينة إيرانية أخرى بعنوان «كاميليا»، صدرت ترجمتها عن دار الساقي ببيروت. كاميليا انتخابي، وهو اسم السجينة الصحفية، أحبت المحقق الذي كان يعذبها، وكافحت بكل ما تمتلك من سبل إغراء امرأة وإغوائها، حتى بادلها الحب عشقا وولعا ورغبة محمومة. تقول كاميليا في روايتها: «كنت أستخدم صوتي ويدي لأجذبه؛ صوتي الناعم والمعبر عن الندم أثناء الاعتراف ويدي اللتين ترقصان كالبجع. كان في استطاعتي أن أحس بتغيره البطيء.» «السبيل الوحيد للتحرر هو كسب ثقة مستجوبي. كان إيماني ومستقبلي بين يديه. كنت في حاجة الى الحب وإلى قوة الحب لكي أغير وضعي اليائس، وكان أقرب شخص إلي هو الذي أراه في كل يوم، مستجوبي. بدأت أحبه على طريقتي.» وبالفعل، أحبها المحقق وساعدها على الفرار من المعتقل، ثم الهرب إلى أمريكا.
على عكس هذا رفضت بطلة روايتنا حب جلادها. وكانت صادقة في مشاعرها ورفضت أن تكون ميكيافيلية برجماتية مثل كاميليا. لم تعبأ بكل ما قدم لها من عطايا على رأسها إنقاذ عنقها من المشنقة، حتى بعدما غدت زوجته ظلت على نفورها منه. حملت منه جنينها كرها، ولم تحبه، حتى حينما ضحى بعمره من أجلها واستلم بصدره الرصاصة التي صوبت إلى صدرها، شعرت بالحزن العميق على موته، حتى إنها تمنت لو غاصت في أعماق الموت المظلمة لتعود به، وبكت على قبره وغفرت له ما فعله بها، ولكنها أبدا لم تستطع أن تحبه. أسلمت مرغمة، حين هددها علي بقتل أسرتها وحبيبها أندريه، فنطقت الشهادتين بشفتيها ولكنها لم تسلم بقلبها؛ لهذا عادت إلى مسيحيتها بمجرد تحررها بموت زوجها، وتزوجت خطيبها القديم في الكنيسة، بما يخالف القانون الذي لم تعبأ به، وحتى أيام إسلامها الصوري، كانت مسيحية المعتنق، حتى إنها نادت على القديسين لكي ينقذوا صديقتها مينا حينما اشتعل قلقها عليها، ولم يبرح السيد المسيح قلبها، حتى وهي تصلي صلاة المسلمين في السجن. وهذا منطقي؛ لأنه لا إكراه في الدين.
المعرفية والمعلوماتية
Halaman tidak diketahui