تأتي بعد ذلك هيئات عالمية لا تخطر على البال لأول وهلة؛ لأنها مفروض فيها أن تعمل لخدمة الأمم الإنسانية جميعا، ولكنها لا تعمل لخدمة أحد كما تعمل لخدمة الصهيونية العالمية.
خذوا لذلك مثلا تلك الهيئة المعروفة باسم «اليونسكو» ... والتي يقال إنها مجعولة لخدمة الثقافة الإنسانية في أرجاء العالم، والتي تتقاضى المال من كل أحد غير الصهيونيين.
فهذه الهيئة العالمية - الإنسانية - ينتشر في دواوينها الصهيونيون بين أمناء السر، ورؤساء المكاتب، ومديري الحسابات، وزمرة المحررين والمسجلين، ولم تعمل حتى اليوم عملا أظهر وأجهر من أعمالها في خدمة الصهيونية ومحاربة أعدائها، وبخاصة أعداؤها المعروفون بكراهة الساميين.
وبين أيدينا الآن نحو عشرين رسالة في موضوع العنصر والسلالة، تدور كلها من بعيد أو قريب على محور واحد، وهو الدفاع عن الصهيونية وتسفيه آراء الناقمين عليها والمشهرين بها والقائلين بالفوارق الجنسية التي تمسها وتغيبها في نظر الأمم الأخرى.
وظاهر هذه الدعوى أنها إنسانية عامة، وبعض المشتركين فيها يكتبون لها على هذا الاعتبار، ولكن الاهتمام بها في الواقع إنما هو اهتمام بالسامية دون غيرها، لأنها هي مسألة العنصر المعروضة هناك على الأسماع والأبصار، وعلى العواطف والعقول، ولا يوجد إنسان تبلغ به البلاهة أن يتصور «اليونسكو» عاملة على محاربة الولايات المتحدة مثلا في قضية الزنوج السود، ولا عاملة على خدمة الصهيونية دون غيرها: تبذل فيها أموال الأمم، وتسخر لها الهيئة العالمية الدولية، باسم العلم والإنسانية.
ولا يحسبن أحد في الشرق أننا نحن الشرقيين بمنجاة من هذه الشبكة العالمية في قضايانا مع الصهيونية، فإن الدعاية التي يسيطر عليها الصهيونيون لا تنسى الانتقام من أعدائها، ولا تنسى مكافأة أصدقائها، وبين حين وحين نسمع تلك الدعاية الخارجية - التي لا تعرف حرفا واحدا من العربية - تهلل لبعض الأعوان ولا تعرف لهم عملا إلا أنهم أغضبوا الإسلام ولم يغضبوا الصهيونية بفعل أو كلام.
ولنا أن نتخذها قاعدة عامة في الدعاية العالمية التي تتولاها الصهيونية، تلك القاعدة العامة أنها لا تشيد بذكر كاتب من الأوروبيين أو الأمريكيين لا يعمل طوع بنانها في ترويج دعوتها الظاهرة أو الخفية، ومن دعوتها الخفية هدم العقائد والأخلاق وتحطيم الأديان والأوطان، وليس على حضرات القراء عناء كبير للتحقق من هذه القاعدة، فحسبهم أن يلتقطوا خمسة أسماء أو ستة من أصحاب الحظوة في الدعاية العالمية، فلن يجدوا منهم واحدا يعادي الصهيونيين، وقد يجدونهم جميعا خداما للصهيونيين السافرين أو المقنعين.
الفصل العاشر
الصهيونية العالمية وطوابيرها الخامسة في المجالس النيابية
حديثنا هنا عن الطوابير الصهيونية الخامسة في المجالس النيابية.
Halaman tidak diketahui