صلى الله عليه وسلم ، نتسلل تسلل القطا حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة، ونحن نحو ثلاثة وسبعين رجلا ومعنا امرأتان من نسائنا؛ نسيبة بنت كعب أم عمارة، وأسماء بنت عمرو بن عدي وهي أم منيع، فاجتمعنا بالشعب ننتظر رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، حتى جاء ومعه عمه العباس بن عبد المطلب وهو يومئذ على دين قومه، إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه ويستوثق له، فلما جلس
صلى الله عليه وسلم
كان أول من تكلم العباس (المشرك!) فقال: يا معشر الخزرج ... إن محمدا منا حيث قد علمتم (يقصد قرابته وقبيلته وليس دينه)، وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه (الحديث هنا عن حماية ومنعة النبي من قبيلة قريش رغم عدم إيمانهم به)، وإنه قد أبى إلا الانقطاع إليكم واللحوق بكم (لم يقل كما أمره الله بذلك؛ فهو لا يؤمن بدين محمد، ولا يرى إلا الوقائع).»
القضية المطروحة هنا أن العباس بن عبد المطلب يعلن للأنصار أن محمدا لا نتبع دينه ولا نؤمن بنبوته ومع ذلك نحميه لأنه ابن قبيلتنا، ونحن نحافظ عليه في مكة ونحميه طبقا لتقاليد القبائل البدوية، ولكنه رغب في اللحوق بكم والهجرة إليكم. المطروح هنا هو مسألة حماية محمد
صلى الله عليه وسلم
وضمان أمنه وسلامته؛ لذلك كانت الكلمة الأولى للعباس غير المسلم لكنه عم النبي.
نكمل الاستماع إلى العباس مستطردا: «فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه (أي الهجرة إليهم)، ومانعوه ممن خالفه (كانت حرية العبادة مكفولة وموفورة حتى هذه اللحظة، ولم تكن الآيات المدنية بهذا الشأن قد وصلت)، فأنتم وما تحملتم من ذلك، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج إليكم (أي الهجرة)، فمنذ الآن دعوه، فإنه في عز ومنعة من قومه وبلده.»
العقبة الثانية إذن كانت تمهيدا للهجرة، نجح فيها العباس الكافر في تحقيق الغرض منها، وهو توفير الأمن لمحمد عند هجرته ليثرب؛ لأن كعب بن مالك يستطرد: «فقلنا إنا قد سمعناك وسمعنا ما قلت، فتكلم يا رسول الله، وخذ لنفسك وربك ما أحببت. قال: فتكلم رسول الله
صلى الله عليه وسلم
Halaman tidak diketahui