كان كل ما يقوله «واكا» عن «إيزولو» نابعا من الحقد، إلا أن واقعة الجنون هذه تحوي قدرا من الحقيقة؛ فقد كانت «وانيك» أم «إيزولو» تعاني بالفعل من هجمات تشنجية حادة، وكانت تهذي باستمرار.
رغم «واكا» والأعداء الآخرين الذين يكنون حقدا ل «إيزولو»، فإن كثيرا من الناس كانوا يعرفون «إيزولو»، وأقدم على زيارته في «أوكبيري» كثير من الناس كانوا في يوم واحد تسعة أشخاص، أحضر بعض منهم ل «إيزولو» اليام وبعض الهدايا الأخرى.
تم شفاء الكابتن «وينتربوتوم» بعد قضائه أسبوعين في مستشفى «كيزا »، وسمحوا ل «توني كلارك» برؤيته لمدة خمس دقائق، كانت الطبيبة «سافاج» واقفة عند الباب ممسكة بساعة جيب، وبدا الكابتن رغم ابتسامته كالجثة، وكان لون بشرته شديد البياض حين سأل قائلا: كيف تسير الأمور؟
بصعوبة توقف «كلارك» عن الإجابة، ثم اندفع شارحا قصة رفض «إيزولو» لمنصب الرئيس، وكأنه أراد تلخيص الإجابة قبل أن ينغلق فم «وينتربوتوم» للأبد. - اتركه في غرفة الحراسة حتى يتعلم التعاون مع الإدارة.
اندست «سافاج» بينهما بسرعة، وقالت بابتسامة مزيفة: لا تتكلم كثيرا.
أغلق الكابتن «وينتربوتوم» عينيه، وكان يبدو في حالة سيئة، فشعر «توني كلارك» بالذنب، وخرج بسرعة وهو يفكر .. في طريق عودته لمقر الإدارة تذكر بإعجاب السهولة التي استطاع بها «وينتربوتوم» العثور على الكلمات الصحيحة حتى في لحظات مرضه (رفض التعاون مع الإدارة).
حاول «كلارك» مرة أخرى عن طريق رئيس الكتبة إغراء «إيزولو» بالموافقة، لكنه فشل، وهكذا أصبح الموقف غير محتمل تماما .. هل يتحفظ عليه داخل السجن أم يطلق سراحه؟ إذا أطلق سراحه فإن سمعة الإدارة سوف تنحدر إلى الأرض خاصة في «أوموارو»، حيث العداء القديم للإدارة والمسيحية. وطبقا لما سمع «كلارك» فإن «أوموارو» قد هيأت نفسها أكثر من أي قبيلة أخرى في المقاطعة لمزيد من المقاومة السرية من أجل التغيير، فكيف سيكون التأثير على مثل هذه البلدة في حالة عودة ذلك العراف الذي تحدى الإدارة.
ليس «كلارك» بالإنسان الذي يسجن رجلا بدون تهمة محددة، خاصة وأنه يبدو بأنهم يمارسون العدالة رغم أنهم ليسوا كذلك .. عرف «كلارك» الآن أن شكوكه حقيقية، بعد أن كانت تبدو واهنة وغير مؤكدة، وأصبح قلقا بشأن الاحتفاظ بالرجل في السجن؛ لأن ذلك يعد إهانة له في حال عدم توفر أسباب لائقة .. كانت كل الأسباب واهية لا يمكن الاستناد عليها، وها هو «وينتربوتوم» الآن يقدم له سببا لائقا، ألا وهو رفض التعاون مع الإدارة .. إن الأكبر دائما يكون أكثر حكمة ممن يصغره، وإن لم يكن كذلك فهو على الأقل يملك الدهاء، وهذا ما لا يمكن تجاوزه.
ساءت حالة الكابتن «وينتربوتوم» بعد أن تماثل للشفاء، ولم يعد مسموحا لأحد برؤيته لمدة أسبوعين آخرين، وانتشر الخبر في أرجاء الإدارة بين الخدم والموظفين الأفارقة .. قيل إن الجنون قد لحق به، ثم تحدثوا عن إصابته بالشلل، ومع تلك الشائعات ارتفع صيت «إيزولو»، الذي أصبح السبب في سجنه معروفا لدى الجميع، وأصبح مستحيلا عدم التعاطف معه.
قال «جون وديكا»: إن «إيزولو» مثل الأفعى النافخة التي لا تلدغ أبدا قبل أن تكشف أولا عن مخالبها السبعة المميتة واحدا بعد الآخر، والتي تلوم نفسها فقط إن لم تجد الوقت المناسب الذي تجري فيه من أجل حياتها.
Halaman tidak diketahui