١١٩ - ومن ذلك قولُ جَرِيرٍ (٢٣٠) في مَرْثيةِ عُمَرَ بنِ عبدِ العَزيزِ: (الشمسُ طالِعةٌ ليستْ بكاسِفَةٍ تبكي عليكَ نجومَ الليلِ والقَمَرا) على روايةِ الجوهريّ (٢٣١) إيّاه هكذا. فقد رواهُ صاحِبُ القاموسِ (٢٣٢) بهذا اللفظِ: فالشمسُ كاسِفَة ليستْ بطالِعةٍ تبكي عليكَ نجومَ الليلِ والقَمَرا ثُمَّ قال: أي كاسِفةٌ لموتِكَ تبكي أبدًا، ووَهِمَ الجوهريّ فغَيّرَ الروايةَ بقولِهِ: الشمسُ طالِعةٌ ليستْ بكاسِفَةٍ وتَكَلّفَ لمعناهُ. انتهى. وفي قولِهِ: أَبَدًا، إشْعارٌ بأَنَّ نجومَ الليلِ بتقديرِ: وجود نجومِ الليلِ، وأنَّ تبكي وجودَ نجومِ الليلِ، على حَدِّ: آتِيكَ خفوقَ النّجْمِ، أي وَقْتَ خفوقِهِ. وكاسفة، على روايتِهِ، من كَسَفَتِ الشمسُ: احتَجَبَتْ. وأمّا على روايةِ الجوهري بتقديرِ صحتِها فهكذا: إنْ كان نجوم الليل منصوبًا بتبكي، على أَنَّ تبكي بمعنى تغلب بالبكاءِ، وهو ما اختاره الجوهريّ حيثُ قالَ: وباكَيْتُهُ فبَكَيْتُهُ، أي كنتُ أبكي منهُ، ثُمَّ أَنشدَ البيتَ المذكورَ بلفظِ: الشمسُ طالعة ليستْ بكاسِفَةٍ إشارة إلى أنَّ تبكي نجوم الليلِ فيه من بابِ بَكَيْتُهُ، كنتُ أبكي منه، أي غلبته بالبكاءِ، وإنْ لم تسبق فيه صِيغةُ المفاعلةِ من البكاء.
_________
(٢٣٠) ديوانه ٧٣٦ وهو فيه على رواية القاموس. وينظر في هذا البيت: أقسام الأخبار ٢١٩، الإفصاح في شرح أبيات مشكلة الأعراب ١٩٢، الانتخاب لكشف الأبيات المشكلة الإعراب ٢٠٩، ألغاز ابن هشام ١٢٤.
(٢٣١) الصحاح (كسف، بكى) .
(٢٣٢) القاموس ٣ / ١٩٠.
1 / 58