Sahih Al-Athar wa Jameel Al-Ibar min Seerat Khair Al-Bashar ﷺ
صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر ﷺ
Penerbit
مكتبة روائع المملكة
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
Lokasi Penerbit
جدة
Genre-genre
واشتد الأمر، وتنابذ القوم، ونادى بعضهم بعضًا، وتآمرت قريش على من أسلم منهم، يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم، وحدب على النبيّ ﷺ عمُّه أبو طالب، ومنع الله عن رسول به وببني هاشم وبني المطلب دون أبي لهب (١).
لقد طُبِع أبو طالب بحبّ رسول الله ﷺ، فكان يحنو عليه، ويُحسن إِليه، ويُدافع عنه ويحامي، ويخالف قومَه في ذلك، مع أنّه على دينهم وخُلّتهم، ولم يختره الله للإسلام لتبقى هيبته في نفوس قريش، ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ﴾ (٢)، فهذا أبو طالب وأبو لهب، كلاهما من أعمام النبيّ ﷺ، كافران لم يؤمنا به ﷺ، أحدهما في ضحضاح من نار (٣)، والآخر في الدرك الأسفل من النار. قال اين القيّم: وكان من حكمة أحكم الحاكميِن بقاؤه على دين قومه، لما في ذلك من المصالح التي تبدو لمن تأمّلها) (٤). ومنها بقاء احترامهم له وهيبتهم منه ومجاملته لأنه سيد مطاع في أهله، وأهل مكة لا يتجاسرون على مكاشفته بشيء يؤذيه ما دام على دينهم وملتهم.
ما لقيه النبيّ ﷺ من أذى المشركين:
عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: "لقَدْ أُخِفْتُ في اللهِ، وَمَا يُخَافُ أَحَدٌ، وَلَقَدْ أُوذِيتُ في اللهِ، ومَا يُؤْذَى أَحَدٌ، وَلَقَدْ أَتَت عَلَيَّ ثَلَاثُونَ مِنْ بينِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، وَمَا لِي وَلِبِلَالٍ طَعَامٌ يَأْكُلُهُ ذو كَبِدٍ، إلَّا شَيْءٌ يُوَارِيهِ إِبْطُ بِلَالٍ" (٥).
(١) ابن هشام، السيرة النبوية ١/ ٢٦٩.
(٢) سورة القصص، الآية ٦٨.
(٣) أخرج البخاري في المناقب، باب قصة أبي طالب ح (٣٨٨٢) عن العباس بن عبد المطلب ﵁، قال للنبي: ﷺ ما أغنيت عن عمّك، فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: "هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار". وهذه بسبب نصرته لرسول الله ﷺ وحياطته له.
(٤) زاد المعاد (٣/ ٢٢).
(٥) أخرجه أحمد في المسند (٣/ ١٢٠)، والترمذي في صفة القيامة والرقائق ح (٢٤٧٢)، وابن ماجه في المقدمة، باب في فضل سلمان وأبي ذر والمقداد ح (١٥١)، وقال الترمذيّ: (هذا حديث حسن صحيح).
1 / 105