أيها العرش لا تفتن ملكات الحسن فقد بكت الساعة فوقك بلقيس. •••
مكان رحب، فيه ما يزيغ الأبصار من متاع الدنيا، يتوسط رحبه شخصان تتكسر عليهما أشعة تلك الثريات وهي تتلألأ بأنوار الكهرباء، ثم هو وهي ...
هو يقول: رب دلال أدى إلى قطيعة ورب عناد أحال النعم نقما، وبيني وبينك لو شئت وفاق تزيده الأيام رونقا وإحكاما، وبيني وبينك لو رمت خلاف يقضي به الموت الزؤام. لا تخدعيني بهذه العبرات، أنا أملك منك لها، فكم خدعت بها سفيرا وكم استوجبت حقا، ولما خلوت إلى آرابي ضحكت ضحكا، ما أظنك تحسنين مثله خبريني ما يشكيك مني. - سوء ظنك لا غيره. - أهذا مبلغ أدبك وأنت ربيبة قصري ونائلة نعمتي. - من وسرف، ثم تهمة بعد ذلك لا تسفل إليها نفس في الوجود. - ألم تحرقي الستارين لتضرمي علي قصري. - كلا. - أتحبينني. - كلا. - ألا يروقك أن تعيشي معي مذ الآن. - والله ما استطبت ولن أستطيب مما أنا فيه شيئا، وإذا استطالت يمين القدرة على بعض الجسم، فكم فؤاد يقصر عن إدراكه المتناول. - ليكونن ذاك الفؤاد إذن مطعم الدود، وليسكنن خفقانه حيث نشأت كبرياؤه، اشربي هذه الكاس التي على الخوان.
تتقدم هي بوقار إلى الكاس وترفعها بيمينها إلى فمها، ثم تنظر إليه بعينين يخالطهما نعاس الموت وتقول: غدا نتقاضى إلى من لا يخشى ظلمه ... •••
هو يقول لجماعة من خاصته: علي بأبي لحية. وما هو إلا أن وقف بين يديه، يتكلم الشر على وجهه وهو صامت، فلما رآه سيده قال: قضي الأمر، وقد ألحقت بها اثنتي عشرة جارية من جواريها. أنا جئت بالذخر الغالي فانظر إلى أي الكنوز أنت به صائر ... •••
سيدتان على قبر امرأة تتحادثان: - من لعيني حبيبتنا أن تنظرا إلى سلانيك، فلقد نظرنا إليه ساعة رحيله. - من العجائب أن يكون بين الناس من يبكون أيامه، وينسون مثل ساكنة هذا الضريح.
التعصب
لي رفقة أمجاد وأبناء أمجاد، أوتوا الفضل ورزقوا النهى، تجمعني وإياهم مجالس سمر كلما خفت عنا تكاليف الحياة، ففيهم الشاعر والكاتب والعالم والطبيب والفيلسوف، كل يفيض من مكتسبات علمه ما يشرح صدور مستمعيه. قال قائلهم ذات يوم: يا ليت فينا فقيها يعلمنا من ديننا مثل ما نعلمه من دنيانا. قالوا له: وماذا يهمك من دينك وأنت مصدق له لا تشك في أمر من أموره؟ قال: يا سبحان الله! وهل في زيادة الخير بأس؟ قالوا: كلا. فقال أحد الرفقة: غدا آتيكم برجل فقيه أعرفه منذ زمان مديد يسكن دارا مجاورة لداري. قالوا: ذلك فضل نذكره لك مع ما سبق من مثله.
وفي مساء اليوم التالي انتهينا إلى بيت رفيقنا الطبيب، فانتظم مجلسنا وأقمنا ننتظر قدوم صاحبنا مع الفقيه، وقد أجمعنا على التزام الوقار، وترك ما كان يقع بيننا من المزاح وإن لم يتجاوز حد الأدب والاحتشام. وما طال بنا الجلوس ساعة إلا وصاحبنا الكاتب داخل علينا يقود رجلا كالجمل على رأسه عمامة كالهودج، متلفعا رداء كأنه قطعة من أديم الليل، فحيانا وحييناه، وأجلسناه في صدر المجلس، وقلنا لشاعرنا: هات شيئا نفتتح به حديثنا. فقال: عن لي خاطر ليلة أمس بعد أن نزعت ثيابي، ولزمت فراشي فقلت أبياتا ثلاثا أظنني لم يسبقني إليها غيري.
فتبسم الفقيه وقال : أنا أحب الشعر وإن كنت لا أقوله، فهات ما عندك، وما أراك إلا مطربنا، فانطلق الشاعر ينشدنا قوله:
Halaman tidak diketahui