غير أنها لم يظهر منها أكثر من 13 عددا؛ إذ قرر الحزب إيقاف أعماله وأذاع قراره في الناس في نصف عدد من جريدته «الثبات» - أي بورقة واحدة - يوم 20 نيسان (أبريل) 1934، تحمل قرار الحزب بغلق أبوابه وتعطيل جريدته.
أرادت الوزارة التي ألفها نوري السعيد سنة 1930 أن يكون لها حزب في مجلس النواب يعضدها ويبرم لها بأكثرية المشروعات التي تريد أن تمضي فيها، وفي مقدمتها المعاهدة العراقية البريطانية الجديدة.
جريدة حزب العهد
ولما كان نوري قد اختار معظم زملائه في المسئولية ممن يرتبط بهم بتاريخ ماض في عهد الدراسة في إستانبول وفي ميدان الثورة العربية، فإنه أوعز إلى جماعة من السياسيين الشباب ممن يرتبطون معه بصلة تفاهم، بينهم المحامون والأطباء، فكونوا حزبا، واختار السعيد له اسما براقا في ذاكرة القوميين فدعاه «حزب العهد»، وإن كان مؤسسه يعلم قبل غيره أن الكراسي النيابية هي الرابطة الوثقى بين أعضاء هذا الحزب، فإذا حلت وزارة أخرى هذا المجلس انفرط عقد الحزب حالا، ويمكننا أن نذكر من الأشخاص الذين قام الحزب على عواتقهم الدكتور فائق شاكر، وثابت عبد النور، وإبراهيم الواعظ، وأغلب الأشخاص الذين انضموا إلى الحزب الحكومي الجديد بعد أن أصبحوا نوابا ممن سبق لهم أن كانوا أعضاء مؤمنين في «حزب التقدم» الحكومي.
أذنت وزارة الداخلية بتأسيس «حزب العهد» يوم 12 تشرين الأول (أكتوبر) سنة 1930، ونصت مادة منهاجه (الثانية) «على أن غاية الحزب تحقيق استقلال العراق التام وإسعاده بإنماء القوى الوطنية وتنظيم أمور الإدارة والاقتصاد والمعارف والصحة والزراعة والجيش، وبث روح التجدد وإصلاح الأنظمة والقوانين بروح الثقافة العصرية.»
اشتدت المعارضة «للوزارة العهدية» ونشطت الحركة الوطنية، فهب «الحزب الوطني» للعمل الجاد وتأسس «حزب الإخاء الوطني»، وتآخى الحزبان على وثيقة سياسية للعمل المشترك، وقوي التطاحن بين حزب الحكومة وأحزاب المعارضة.
ولقد رافق حزب العهد كثيرا من الضغط والتشديد، واتخذت الحكومة تدابير قاسية ضد معارضيها، ووقع اضطهاد مرير على الأحرار، وعانت الصحافة الوطنية الأمرين في هذا الطور، وتعددت محاكمة الصحافيين والكتاب، وعمرت بهم السجون والمنافي، ويقتضي الإنصاف أن نذكر أن هذه المشادة بين الحكومة والمعارضة لم تحرم البلد من صحافة جريئة صريحة، فقد كانت الحكومة تعطل الجريدة ثم لا تلبث أن تمنح امتيازا جديدا بجريدة تحل محل الجريدة المعطلة بتأثير قوة الأحزاب ورعاية البلاط الملكي؛ لممارسة الشعب حقوقه الدستورية.
ولم يكتف «حزب العهد» النيابي بصحيفة أحد أعضائه «العراق»، بل أنشأ جريدة خاصة به هي «صدى العهد» يومية ظهرت في 7 آب (أغسطس) سنة 1930. وقد منح امتيازها لعبد الرزاق الحصان من الباحثين في التاريخ القومي.
ولم تشأ صحيفة «صدى العهد» أن تذيع خطة أو تنشر سياستها في أول ظهورها، بل انتهزت ذكرى المولد النبوي المجيدة، فاحتفلت بهذا العيد في مفتتح كلامها:
تيمنا باسم النبي الكريم، واتباعا لخطته القويمة أصدرنا جريدتنا في يوم الولادة الجليل.
Halaman tidak diketahui