Safwat Tafsir
صفوة التفاسير
Penerbit
دار الصابوني للطباعة والنشر والتوزيع
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م
Lokasi Penerbit
القاهرة
Genre-genre
الحال أن يقول الرسول والمؤمنون معه حتى نصر الله؟ أي متى يأتي نصر الله وذلك استبطاءً منهم للنصر لتناهي الشدة عليهم، وهذا غاية الغايات في تصوير شدة المحنة، فإِذا كان الرسل - مع علو كعبهم في الصبر والثبات - قد عيل صبرهم وبلغوا هذا المبلغ من الضجر والضيق كان ذلك دليلًا على أن الشدة بلغت منتهاها قال تعالى جوابًا لهم: ﴿ألا إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ﴾ أي ألا فأبشروا فإِنه حان أوانه
﴿وَلَيَنصُرَنَّ الله مَن يَنصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: ٤٠] ثم قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ﴾ أي يسألونك يا محمد ماذا ينفقون وعلى من ينفقون؟ وقد نزلت لمّا قال بعض الصحابة يا رسول الله: ماذا ننفق من أموالنا وأين نضعها؟ ﴿قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل﴾ أي قل لهم يا محمد اصرفوها في هذه الوجوه ﴿وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ﴾ أي وكل معروف تفعلونه يعلمه الله وسيجزيكم عليه أوفر الجزاء، ثم قال تعالى مبينًا حكمة مشروعية القتال في الإِسلام ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ القتال وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ﴾ أي فرض عليكم قتال الكفار أيها المؤمنون وهو شاق ومكروه على نفوسكم لما فيه من بذل المال وخطر هلاك النفس ﴿وعسى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ أي ولكن قد تكره نفوسكم شيئًا وفيه كل النفع والخير ﴿وعسى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ﴾ أي وقد تحب نفوسكم شيئًا وفيه كل الخطر والضرر عليكم، فلعل لكم في القتال - وإن كرهتموه - خيرًا لأن فيه إما الظفر والغنيمة أو الشهادة والأجر، ولعل لكم في تركه - وإِن أحببتموه - شرًا لأن فيه الذل والفقر وحرمان الأجر ﴿والله يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ أي الله أعلم بعواقب الأمور منكم وأدرى بما فيه صلاحكم في دنياكم وآخرتكم فبادروا إِلى ما يأمركم به ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشهر الحرام قِتَالٍ فِيهِ﴾ أي يسألك أصحابك يا محمد عن القتال في الشهر الحرام أيحل لهم القتال فيه؟ ﴿قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾ أي قل لهم القتال فيه أمره كبير ووزره عظيم ولكن هناك ما هو أعظم وأخطر وهو ﴿وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ الله وَكُفْرٌ بِهِ والمسجد الحرام وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ الله﴾ أي ومنع المؤمنين عن دين الله وكفرهُم بالله وصدُّهم عن المسجد الحرام - يعني مكة - وإِخراجكم من البلد الحرام وأنتم أهله وحماته، كلُّ ذلك أعظم وزرًا وذنبًا عند الله من قتل من قتلتم من المشركين، فإِذا استعظموا قتالكم لهم في الشهر الحرام فليعلموا أنَّ ما ارتكبوه في حق النبي والمؤمنين أعظم وأشنع ﴿والفتنة أَكْبَرُ مِنَ القتل﴾ أي فتنة المسلم عن دينه حتى يردوه إِلى الكفر بعد إِيمانه أكبر عند الله من القتل ﴿وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حتى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواْ﴾ أي ولا يزالون جاهدين في قتالكم حتى يعيدوكم إِلى الكفر والضلال إِن قدروا فهم غير نازعين عن كفرهم وعدوانهم ﴿وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فأولائك حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدنيا والآخرة﴾ أي ومن يستجب لهم منكم فيرجع عن دينه ويرتد عن الإِسلام ثم يموت على الكفر فقد بطل عمله الصالح في الدارين وذهب ثوابه ﴿وأولائك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ أي وهم مخلدون في جهنم لا يخرجون منها أبدًا ﴿إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ الله﴾ أي إِن المؤمنين الذين فارقوا الأهل والأوطان وجاهدوا الأعداء لإِعلاء دين الله ﴿أولائك يَرْجُونَ رَحْمَتَ الله والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ أي أولئك الموصوفون بما ذكرهم الجديرون بأن ينالوا رحمة الله والله عظيم المغفرة، واسع الرحمة.
البَلاَغَة: ١ - ﴿كَانَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ فيه إِيجاز بالحذف أي كانوا أمة واحدة على الإِيمان
1 / 123