﴿صُمٌّ﴾ جمع أصم وهو الذي لا يسمع ﴿بُكْمٌ﴾ جمع أبكم وهو الأخرس الذي لا ينطق ﴿عُمْيٌ﴾ جمع أعمى وهو الذي فقد بصره ﴿صَيِّبٍ﴾ الصَيّبُ: المطر الغزير مأخوذ من الصوَّبْ وهو النزول بشدة قال الشاعر «سقتكِ روايا المُزْن حيثُ تصوب» ﴿الصواعق﴾ جمع صاعقة وهي نارٌ محرقة لا تمر بشيء إِلا أتت عليه، مشتقة من الصَّعْق وهو شدة الصوت ﴿السمآء﴾ السماء في اللغة: كلُّ علاكَ فأظلَّك، ومنه قيل لسقف البيت سماء، ويسمى المطر سماءً لنزوله من السماء قال الشاعر:
إِذا سقط السماء بأرضِ قومٍ ... رعيناه وإِن كانوا غِضابا
﴿يَخْطَفُ﴾ الخَطْفُ: الأخذ بسرعة ومنه ﴿إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الخطفة﴾ [الصافات: ١٠] وسُمِي الطير خَطّافًا لسرعته، والخاطف الذي يأخذ الشيء بسرعة شديدة.
سَبَبُ النّزول: قال ابن عباس: نزلت هذه الآيات في منافقي أهل الكتاب منهم «عبد الله بن أُبي ابن سلول، ومعتب بن قشير، والجد بن قيس» كانوا إِذا لقوا المؤمنين يظهرون الإيمان والتصديق ويقولون: إنّا لنجد في كتابنا نعته وصفته.
التفسير: ﴿وَمِنَ الناس مَن يَقُولُ آمَنَّا بالله﴾ أي ومن الناس فريق يقولون بألسنتهم صدَّقنا بالله وبما أنزل على رسوله من الآيات البينات ﴿وباليوم الآخر﴾ أي وصدَّقنا بالبعث والنشور ﴿وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ﴾ أي وما هم على الحقيقة بمصدقين ولا مؤمنين، لأنهم يقولون ذلك قولًا دون اعتقاد، وكلامًا دون تصديق قال البيضاوي: هذا هو القسم الثالث المذبذب بين القسمين، وهم الذين آمنوا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم، وهم أخبث الكفرة وأبغضهم إلى الله، لأنّهم موَّهوا الكفر وخلطوا به خداعًا واستهزاء، ولذلك أطال في بيان خبثهم وجهلهم، واستهزأ بهم وتهكَّم بأفعالهم، وسجَّل عليهم الضلال والطغيان، وضرب لهم الأمثال ﴿يُخَادِعُونَ الله والذين آمَنُوا﴾ أي يعملون عمل المخادِع بإِظهار ما أظهروه من الإِيمان مع إِصرارهم على الكفر، يعتقدون - بجهلهم - أنهم يدعون الله بذلك، وأن ذلك نافعهم عنده، وأنه يروج عليه كما قد يروج على بعض المؤمنين، وما عملوا أن الله لا يُخدع لأنه لا تخفى عليه خافية قال ابن كثير: النفاق هو إظهار الخير، وإِسرارُ الشر وهو أنواع: اعتقادي وهو الذي يخلّد صاحبه في النار، وعملي وهو من أكبر الذنوب والأوزار، لأن المنافق يخالف قولُه فعلَه، وسرُّه علانيته، وإنما نزلت صفات المنافقين في السور المدنية لأن مكة لم يكن بها نفاق بل كان خلافه ﴿وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم﴾ أي وما يخدعون في الحقيقة إِلا أنفسهم لأن وبال فعلهم راجع عليهم ﴿وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ أي ولا يُحسّون بذلك ولا يفطنون إِليه، لتمادي غفلتهم، وتكامل حماقتهم ﴿فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ الله مَرَضًا﴾ أي في قلوبهم شك ونفاق فزادهم الله رجسًا فوق رجسهم، وضلالًا فوق ضلالهم، والجملةُ دعائية قال ابن أسلم: هذا مرضٌ في الدين، وليس مرضًا في الجسد، وهو الشك الذي دخلهم في الإِسلام فزادهم الله رجسًا وشكًا ﴿وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ أي ولهم عذابٌ مؤلمٌ بسبب كذبهم في دعوى الإيمان، واستهزائهم بآيات الرحمن. . ثم شرع تعالى في بيان قبائحهم، وأحوالهم الشنيعة فقال ﴿وَإِذَا قِيلَ
1 / 29