ومثال العموم المخصوص بالكتاب: قوله تعالى: {الله خالق كل شيء} [الرعد:16]، فاقتضى هذا العموم دخول أفعال العباد في جملة خلقه إلا أنا خصصنا بقوله تعالى: يفعلون ويعملون وتخلقون إفكا، وقوله تعالى رادا على اليهود حيث أضافوا كفرهم وزيادتهم في التوراة إليه تعالى عنه: {ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون} [آل عمران:78]، وتخصيص الكتاب بالكتاب هو إجماع العلماء.
مسألة:[الكلام في تخصيص السنة بالسنة]
وتخصيص السنة بالسنة جائز، وهو قول جمهور العلماء، وهو الذي نختاره، وعند بعضهم لا يجوز.
والذي يدل على صحة ما قلناه: أنهما دليلان شرعيان، وكل دليلين شرعيين يجوز تخصيص أحدهما بالآخر كما ثبت في الكتاب بالكتاب.
أما أنهما دليلان شرعيان فلا خلاف فيه، ولأنهما وردا عن صادق يجب اتباعه ويحرم خلافه، فإذا لم يمكن اتباعهما إلا بأن يخص أحدهما بآخر وجب التخصيص؛ لأن المنع منه يؤدي إلى إلغائهما، وذلك لا يجوز بالإجماع، أو إلغاء أحدهما مع استوائهما في الورود عن واجب الإتباع، وذلك لا يجوز.
وأما أن كل دليلين شرعيين يجوز تخصيص أحدهما بالآخر: فلأن الواجب اتباع الأدلة والعمل بها ما أمكن، ولا يظهر في هذا خلاف بين المسلمين في الجملة، فإذا لم يمكن اتباعهما إلا بتخصيص العموم وجب ذلك، لأن غير ذلك يؤدي إلى إلغائها، وقد قدمنا أنه لا يجوز.
مسألة:[الكلام في التخصيص بأخبار الآحاد]
اختلف القائلون بقبول أخبار الآحاد هل يجوز أن يخص بها العموم الكتاب والسنة أم لا؟
فمنهم من منع من ذلك على الإطلاق ، وأحسبه قول جماعة من أصحاب الشافعي.
ومنهم: من جوزه مطلقا إذا تكاملت شرائطه وهو قول كثير من أصحاب أبي حنيفة والمروي عن أبي الحسين وهو الذي نصره الشيخ أبو عبدالله، وهو المروي عن جماعة من الشافعية.
Halaman 83