ومثال ذلك: ما نعلمه أن الواحد منا إذا قال: ضيفت عشرة ثم أقام يوما أو يومين ثم قال: إلا خمسة لم يكن قوله إلا خمسة مفيدا فإن علم أنه أراد به الإستثناء مما تقدم علمنا أن الأول كذب لوجود حد الكذب فيه على ما يأتي بيانه ويخالف حاله لو استثنى عند اللفظ فقال: ضيفت عشرة إلا خمسة بالإتفاق على وجه الحقيقة عندنا.
مسألة:[الكلام في استثناء الأكثر حتى يبقى الأقل]
ذهب جماعة من الفقهاء إلى أن استثناء الأكثر حتى يبقى أقل لايجوز، وذهب جمهور العلماء وهو قول شيوخنا رحمهم الله تعالى إلى أنه جائز، وهو الذي نختاره.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: أن المعلوم من حال أهل اللغة أن مرادهم بالإستثناء للمستثني إخراجه بعض ما يتناوله اللفظ، والأكثر والأقل في ذلك سواء، فإن منع من ذلك: لأنه لم يوجد في كلامهم، فهذا قائم في النصف، وقد أطبق الكل على جوازه، فهذا الحكم لا معنى له، ولأنه لا مانع له من قبل القدرة؛ لأنه مقدور، ولا من قبل اللغة لما قدمنا، ولا من قبل الحكمة لأنه لا يمتنع أن تتعلق المصلحة به، ولأنه لا يوجد دليل في الحكمة على المنع منه فصح ما قلناه.
مسألة:[الكلام في الجمل المعطوفة إذا تعقبها الإستثناء]
اختلف أهل العلم في الجمل المعطوف بعضها على بعض إذا تعقبها الإستثناء هل يجب قصر فائدته على ما يليه أو يجب رجوعه إلى جميع ما تقدم؟
فالمروي عن الحنفية فيهم الشيخ أبو الحسين والشيخ أبو عبدالله أنه يجب حصره على ما يليه، ولا يرد إلى جميع ما تقدم.
ومنهم من قال: يجب رجوعه إلى الجميع إذا صح رجوعه، وهو مذهب الشافعية وحكاه شيخنا رحمه الله عن قاضي القضاة، والشيخ أبي الحسين البصري، وهو ظاهر مذهب أصحابنا، وهو الذي نختاره.
Halaman 78