واحتج على فساد المنهي عنه في باب العبادات: بأن النهي إذا ورد عن حكيم اقتضى قبح المنهي عنه؛ لأن النهي عن الحسن قبيح لا يجوز وروده في خطاب الحكيم، ومن حق ما يكون عبادة وطاعة أن يكون حسنا حتى يصح أن يريده الله تعالى؛ لأنه تعالى لا يجوز أن يريد القبيح؛ فإذا لم يكن حسنا لم يكن مجزئا ولا مسقطا للفرض الواجب.
قال رحمه الله: وليس كذلك ما كان من باب المعاملات؛ فإنه ليس من شرط صحته أن يقع على وجه القربة والعبادة حتى يكون من شرطه أن يكون حسنا ومرادا لله تعالى، فلذلك لم يقتض النهي فساده، فعلى هذا إذا ورد النهي عن الوضوء بالماء المغصوب، وعن الصلاة في الدار المغصوبة، اقتضى فساد المنهي عنه في هذا الموضع، فلا يجوز الوضوء ولا الصلاة، ولا يسقط بهما الفرض، بخلاف ما قدمنا ذكره مما يتعلق به النهي في باب المعاملات وما جرى مجراها.
قال رحمه الله تعالى: فثبت بهذه الجملة ما ذهب إليه الشيخ أبو الحسين(1) في هذه المسألة.
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: ما تقرر من ظاهر أحوال المسلمين من لدن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى يومنا هذا من الرجوع في فساد العقود الشرعية في المعاملات وغيرها إلى ظاهر نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، نحو نهيه عن بيع الغرر، وبيع الإنسان ما ليس عنده، وعن بيوع الجاهلية، ونهيه عن نكاح المرأة على عمتها وعلى خالتها، وأمثال ذلك مما لا يحصى كثرة من الكتاب والسنة.
Halaman 65