Safwat Ikhtiyar
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Genre-genre
فمنهم من قال: إن الشرع ورد على وجه يمنع من استعمال القياس؛ لأن من حق القياس الجمع بين المتساويين، والفرق بين المختلفين، والشرع ورد بالتفرقة بين المتساويين، والجمع بين المختلفين، كما أنا نعلم أن الحيض يمنع من الصلاة والصوم على سواء، ثم ورد الشرع بوجوب قضاء الصوم دون الصلاة، وكذلك الأمة الحسناء تساوي الحرة الحسناء، فورد الشرع بالمخالفة بينهما، فكان ما هو عورة من الحرة غير عورة من الأمة، بل قد ورد الشرع بما هو أبلغ من ذلك، وهو إباحة النظر إلى الأمة الحسناء، وحظره إلى الحرة الشوهاء إلى غير ذلك مما يجانسه.
وذكر لنا شيخنا رحمه الله تعالى هذا الإحتجاج من نفاة القياس في المذاكرة، وهو المحكي عن أبي إسحاق النظام.
ومنهم من قال: لو جاز التعبد بالقياس في بعض الشرعيات لجاز في جميعها كما نعلمه من دلالة العقل؛ فإنها لما كانت دلالة في بعض العقليات كانت دلالة في جميعها، وهذا المقالة تحكى عن البهراني(1) منهم.
ومنهم من قال: لو جاز التعبد بالقياس اعتبر أن القياس طريقه الظن دون العلم فلا يجوز استعماله، وهو المحكي عن داود(2).
ومنهم من قال: إن الله سبحانه وتعالى لا يجوز أن يقتصر بالمكلف على أدون البيانين دون أعلاهما، والنص أعلى البيان من القياس، فلا يجوز العدول عنه إلى القياس.
ومنهم من قال: إن التعبد بالقياس يؤدي إلى جواز التعبد بالأحكام المتضادة المتنافية.
Halaman 289