Safwat Ikhtiyar
صفوة الاختيار في أصول الفقه
Genre-genre
وما ذكره رحمه الله تعالى من أنه إذا وجب درؤه بعد استقراره في الشريعة، فدرؤه قبل استقراره أولى، بعيد جدا؛ لأنه لا يصح درء ما لم يستقر فضلا عن أن يكون أولى.
فأما قول من يقول باستوائهما فقول لا وجه له عنده لأن وجه الترجيح حاصل في أحدهما وهو الحكم الشرعي، وقد ثبت وجوب العمل بأخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما أمكن، وحصول الترجيح على حال الظهور أبلغ وجوه الإمكان.
مسألة:[الكلام في الترجيح بين خبري الحظر والإباحة]
إذا اقتضى أحد الخبرين حظرا والآخر إباحة، فقد حكى شيخنا اختلاف أهل العلم في أنه هل يجوز أن لا يكون لأحدهما حكم باق في العقل أم لا؟
فذهب بعضهم إلى أن ذلك يجوز، ثم اختلفوا بعد ذلك؛
فمنهم من قال بأنه متى لم يمكن لأحدهما حكم باق في العقل فإنهما يجعلان كأن لم يردا ويعمل في الحادثة بما يقتضيه العقل متى لم يوجد دليل شرعي يدل على حكم الحادثة سوى الخبرين، وهو مذهب أبي هاشم، وعيسى بن أبان والقاضي.
وقال أبو الحسن: الحظر أولى وهو المروي عن ش.
وذهب آخرون إلى أنه لا بد من أن يكون لأحدهما حكم باق في العقل وهو قول الشيخ أبو الحسين البصري وكان شيخنا رحمه الله تعالى يعتمده وهو الذي نختاره.
والدليل على صحته: أن العقل لا بد أن يقضي في الفعل بحكم من الأحكام من قبح أو إباحة أو ندب أو وجوب وإلا رفعنا كونه جائلا في الذهن، وألحقنا العاقل بالنائم والمجنون، فإن قضى أحد الخبرين في الفعل بإباحة، وكان حكمه في العقل الحظر، كان المبيح أولى لأنه الناقل والحكم له كما قدمنا، وإن كان حكمه في العقل الإباحة كان الحاظر أولى؛ لأنه الناقل أيضا، وكذلك إن كان حكمه في العقل الوجوب كدفع الضرر عن النفس، أو الندب فهما فرعان على الحسن الذي أصله الإباحة، كان الحكم للناقل أيضا بعد مراعاته عند تقدير سقوطهما أو تكافيهما.
Halaman 227