ورأيته أستلقى على قفاه يوما ونحن بفربر , في تصنيف ((كتاب التفسير)) @ وكان أتعب نفسه في ذلك اليوم في كثرة إخراج الحديث , فقلت له: يا أبا عبد الله سمعتك تقول: إنى ما أتيت بغير علم قط منذ علقت , فأى علم في هذا الاستلقاء؟
قال: أتعبنا أنفسنا في هذا اليوم , وهذا ثغر من الثغور , خشيت أن يحدث من أمر العدو , فأحببتأن أستريح , وأخد أهبة لذلك , فان غافصنا العدو أي فاجأنا على غرة , كان بنا حراك أي قوة .
وكان يركب إلى الرمى , فما أعلم أني رأيته في طول ما صحبته أخطأ سهمه الهدف إلا مرتين , وكان لا يسبق)) .
45 وقال شيخنا الإمام الكوثرى رحمه الله تعالى في كتابه ((بلوغ الأمانى في سيرة الإمام محمد بن الحسن الشيباني)) ص 15)) كان أسد بن الفرات , قاضى القيروان وتلميذ الإمام مالك ومدون مذهبه , وأحد القادة الفاتحين , فتح صقلية واستشهد بها سنة 213 وكان قد خرج من القيروان إلى الشرق سنة 172 , فسمع ((الموطأ)) على مالك بالمدينة , ثم رحل إلى العراق , فسمع من أصحاب أبى حنيفة وتفقه عليهم , وكان أكثر اختلافه إلى محمد بن الحسن الشيبانى , ولما حضر عنده فال له: إنى غريب قليل النفقة , والسماع منك نزر , والطلبة عندم كثير , فما حيلتى؟
فقال له محمد بن الحسن: اسمع مع العراقيين بالنهار , وقد جعلت لك الليل وحدك , فتبيت عندي وأسمعك , قال أسد: وكنت أبيت عنده وينزل إلى: ويجعل بين يديه قدحا فيه الماء ثم يأخذ في القراءة , فإذا طال الليل ونعست , ملأ يده ونفح وجهي بالماء فأنتبه , فكان ذلك دأبه ودأبي , حتى أتيت على ما أريد من السماع عليه.
Halaman 42