تقول جوان: «لماذا تفكر على هذا النحو؟ إنها ليست كبيرة جدا في السن، أراهن على أنها لا تزال جميلة، لم يكن خطؤها، هل لا تزال تحبه؟» «لا أظن أنني في موضع يمكنني من توجيه أي أسئلة إليها.»
تقول جوان في صوت مستنكر محبب يدهشها، يبدو تماما مثل صوت أمها: «أوه، موريس ... أراهن أنها لا تزال تحبه، لا تزال واقعة في غرامه.»
يذهب موريس لتعليق ملابس السهرة الخاصة به في إحدى الخزانات في الشقة، بانتظار أن تلبس عندما يتم استدعاؤه ليكون رفيق ماتيلدا في حفلات قادمة.
في الفراش تلك الليلة، وهي راقدة مستيقظة، ناظرة إلى ضوء الشارع الذي يلمع عبر الأوراق الغضة في الميدان، البرج القصير للكنيسة المعمدانية، كان هناك شيء تفكر فيه إلى جانب مشكلتها. (تفكر بالطبع في مشكلتها أيضا.) تتخيل موريس وماتيلدا وهما يرقصان، تراهما في قاعات رقص فندق هوليداي إن، في ساحات الرقص في نادي الجولف، حيثما تقام الحفلات الرسمية، مرتديين ملابسهما الرسمية التي لا تتوافق مع الموضة، ويبدو شعر ماتيلدا مرشوشا، مهوشا على نحو رائع، ويبدو وجه موريس لامعا بسبب العرق من الجهد الذي يبذله في الرقص، ربما لا يكون ذلك جهدا، ربما يرقصان معا جيدا. متكافئان على نحو مذهل، كل منهما لديه عيوب يتمسك بها في عناد وأخرى يرغب في تغييرها، عيوب يستطيعان بسهولة التغاضي عنها أو إصلاحها، لكنهما لن يفعلا ذلك أبدا. موريس واقع في غرام ماتيلدا - على هذا النحو العابس، غير المشبع، المستمر طوال الحياة - وهي لا تزال في غرام شخص متزوج بأخرى، وهي غارقة بشدة في إحساسها بخطئها والعار الذي جلبته لنفسها. يرقصان في عقل جوان، في رزانة، وعبثية، ورومانسية. من سوى موريس - رغم كل شيء - الذي يمتلئ رأسه بتفاصيل الرهونات العقارية والعقود، يمكن أن يتضح أنه هذا الشخص الرومانسي جدا؟
إنها تحسده وتحسدهما.
كانت تحافظ على عادة الخلود إلى النوم على ذكرى صوت جون برولير: صوته المنفعل، الخفيض عندما كان يقول: «أرغب في ذلك، جدا.» أو كانت تتخيل وجهه؛ كان وجها ينتمي إلى العصور الوسطى، مثلما كانت تعتقد: طويلا، وشاحبا، ونحيلا، والابتسامة التي كانت نفرت منها واعتبرتها ابتسامة تكتيكية، والعينين السوداوين اليقظتين، اللامعتين، اللتين لا يمكن تجاهلهما. لن يعمل خيالها الليلة؛ لن يفتح الأبواب أمامها إلى أراض ضبابية بكر. لا تستطيع أن تتخيل نفسها في أي مكان إلا هذا المكان، على الفراش الوحيد الخشن في شقة موريس، في حياتها الحقيقية والظاهرة. لن يفلح شيء مما يفلح مع موريس وماتيلدا معها؛ لن يفلح إنكار الذات، الترفع عن الرغبات المكبوتة، قلة الحيلة المدعاة. لا يمكن إرضاؤها.
تعرف ذلك، وتعرف ما يجب أن تفعله. توجه تفكيرها إلى ما هو آت، على نحو غير مقبول، مخز، توجه تفكيرها إلى ما هو آت، تتلمس شكل حبيبها التالي. •••
لن يكون هذا ضروريا.
لعل ما نسيته جوان كلية هو أن البريد يصل إلى مكاتب بريد المدن الصغيرة يوم السبت. ويوم السبت هنا ليس يوما لا يصل البريد فيه. ذهب موريس ليرى ما في صندوق بريده؛ وناولها الخطاب. يحدد الخطاب موعدا ومكانا. خطاب مختصر جدا، وموقع بالأحرف الأولى لجون برولير فقط. كان هذا تصرفا حكيما، بالطبع. هذا الاختصار، هذا الحذر، لا يسعد جوان على الإطلاق، لكن نظرا لرغبتها في الراحة، في التغيير، لا تعير الأمر اهتماما كبيرا.
تحكي لموريس القصة التي كانت ستقولها له حال وصول الخطاب في وقت مبكر عن ذلك. اتصلت بها صديقتها منذ أيام الجامعة لتتقابلا، والتي سمعت أنها هنا. بينما تغسل شعرها وتحزم أشياءها، يأخذ موريس سيارتها إلى محطة الوقود مخفض السعر شمال المدينة ويملأ الخزان بالوقود.
Halaman tidak diketahui