حين تجاوزت المعاطف في طريقي إلى المرحاض، أخرجت القميص من جيبي، حشرته مع الفوط المستعملة. •••
في ذلك اليوم، عجزت عن مواصلة العمل على مقال السير جاوين في المكتبة. مزقت صفحة من كراستي وأخذت قلمي وغادرت. في المساحة الخارجية أمام أبواب المكتبة كان هناك هاتف عمومي، وإلى جانبه دليل تليفونات معلق. تصفحت الدليل وكتبت رقمين على الورقة. لم يكونا رقمي هاتف، بل عنوانين.
1648 شارع هينفرين.
وكان العنوان الثاني، الذي كنت أريد فقط أن أتأكد من صحته؛ إذ رأيته حديثا وعلى أظرف بطاقات المعايدة، كان 363 كارليسل.
رجعت عبر النفق إلى مبنى الآداب، ودخلت إلى المحل الصغير الذي يواجه غرفة الاستراحة. كان لدي ما يكفي من الفكة في جيبي لأشتري ظرفا وطابعا بريديا. مزقت الجزء الذي يحمل عنوان شارع كارليسل ووضعته في الظرف. أغلقت الظرف، وكتبت فوقه الرقم الآخر الأطول مع اسم السيد بورفيس وعنوان شارع هينفرين. كل هذا بحروف كبيرة، ثم لعقت الطابع ولصقته. أعتقد أن ثمنه في تلك الأيام كان أربعة سنتات.
كان هناك خارج المحل مباشرة صندوق بريد. وضعت الظرف فيه، هناك في الممر السفلي الواسع من مبنى الآداب، والناس يمرون بي في طريقهم إلى قاعات الدراسة، وفي طريقهم للتدخين أو لعب البريدج في غرفة الاستراحة. في طريقهم إلى القيام بأفعال لم يعرفوا أنها بداخلهم.
حفر-عميقة
غلفت سالي البيض المحشو؛ وهو طعام كانت تكره أن تأخذه معها في النزهات لأنه يتسبب في فوضى. شطائر لحم الخنزير، سلاطة السلطعون، فطائر الليمون؛ مشكلة في تغليفها كذلك. شراب كول إيد بطعم الفواكه للأطفال، ونصف زجاجة شامبانيا «مام» لأليكس ولها. لن تحتسي إلا رشفة لأنها لا تزال في فترة الرضاعة. كانت قد اشترت أكواب بلاستيك للشمبانيا لهذه المناسبة، لكن حين رآها أليكس في يدها، أحضر الأكواب الحقيقية - وهي إحدى هدايا الزفاف - من الخزانة الصينية. اعترضت، لكنه أصر، وتحمل مسئوليتها بنفسه؛ إذ غلفها ورصها. «أبي سيد مهذب برجوازي حقا.» هذا ما سوف يقوله كنت لسالي بعد عدة سنوات حين يصبح مراهقا ويتفوق في جميع مواده الدراسية في المدرسة، مطعما عبارته بكلمة فرنسية. كان في غاية الثقة من أنه سيصبح عالما ما إلى حد أنه يستطيع أن يفعل ما يروقه بالإطناب بالفرنسية في أنحاء المنزل بلا محاسبة.
قالت سالي بآلية: «لا تهزأ بأبيك.»
قال: «لا أهزأ، معظم الجيولوجيين يبدون متسخين عادة، هذا هو السبب ليس إلا.» •••
Halaman tidak diketahui