Sabeel al-Muhtadeen ila Sharh al-Arba'een al-Nawawiyyah
سبيل المهتدين إلى شرح الأربعين النووية
Penerbit
الدار العالمية للنشر - القاهرة
Nombor Edisi
الأولى
Tahun Penerbitan
١٤٤٢ هـ - ٢٠٢٠ م
Lokasi Penerbit
جاكرتا
Genre-genre
أَمَّا إِذَا كَانَتِ العِبَادَةُ يَنْبَنِي آخِرُهَا عَلَى أَوَّلِهَا -كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ-؛ فَإِذَا دَافَعَ الرِّيَاءَ وَكَرِهَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّهُ، لِقَولِ النَّبِيِّ ﷺ: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَو تَتَكَلَّمْ» (^١).
أمَّا إِذَا اسْتَرْسَلَ مَعَهُ ولم يُدَافِعْهُ؛ فَحِينَئِذٍ تَبْطُلُ جَمِيعُ العِبَادَةِ؛ لِأَنَّ آخِرَهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَوَّلِهَا وَمُرْتَبِطٌ بِهَا (^٢).
٣ - إِذَا طَرَأَ الرِّيَاءُ - وَهُوَ هُنَا مَحَبَّةُ الثَّنَاءِ وَالفَرَحُ بِهِ- بَعْدَ انْتِهَاءِ العِبَادَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ عَلَيهَا شَيئًا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ عُدْوَانٌ كَالمَنِّ وَالأَذَى بِالصَّدَقَةِ؛ فَإِنَّ هَذَا العُدْوَانَ يَكُونُ إِثْمُهُ مُقَابِلًا لِأَجْرِ الصَّدَقَةِ فَيُبْطِلُهَا؛ لِقَولِهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي القَومَ الكَافِرِينَ﴾ [البَقَرَة: ٢٦٤].
- لَيسَ مِنَ الرِّيَاءِ أَنْ يَفْرَحَ الإِنْسَانُ بِعِلْمِ النَّاسِ بِعِبَادَتِهِ، لِأَنَّ هَذَا إِنَّمَا طَرَأَ بَعْدَ الفَرَاغِ مِنَ العِبَادَةِ، كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ؛ أَنَّهُ قِيلَ للنَّبِيِّ ﷺ: أرأيتَ الرَّجُلَ يَعْمَلُ مِنَ الخَيرِ؛ وَيَحْمَدُهُ النَّاسُ عَلَيهِ؟ قَالَ: «تِلْكَ عَاجِلُ بُشْرَى المُؤْمِنِ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ (^٣).
- قَولُهُ: «فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ»: أَي:
_________
(^١) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٥٢٦٩)، وَمُسْلِمٌ (١٢٧) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيرَةَ.
(^٢) وَفِي بُطْلَانِهَا خِلَافٌ بَينَ أَهْلِ العِلْمِ، وَقَالَ بَعْضُهُم: إَنَّهُ يُجَازَى بِأَصْلِ نِيَّتِهِ؛ وَهُوَ قَولُ الإِمَامِ أَحْمَدَ وَابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ ﵏. انْظُرْ كِتَابَ (جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ) (١/ ٨٣).
قُلْتُ: وَلَكِنْ يَشْهَدُ لِمَا أَثْبَتْنَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيرَةَ المَرْفُوعُ «قَالَ تَعَالَى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ؛ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ مَعِي فِيهِ غَيرِي، تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٢٩٨٥).
(^٣) مُسْلِمٌ (٢٦٤٢).
1 / 14