فسألت بدوري في دهشة: على ماذا؟ - بثينة؟!
خجلت. نظرت إليها طويلا وهي تحدق في بشجاعة وإصرار. ما أجملها وهي تطوي غيرتها في قبضة كبريائها!
وتمتمت في صدق وسعادة: لا أحد سواك يا ملك.
فرفعت صوتها لتسمع من في الخارج: أعرني كتابا من كتبك. - قرأت مجدولين؟ - نعم. - إليك آلام فرتر.
فقالت باسمة: هاتها.
منذ تلك اللحظة بدأت أنفض عن وجداني فتنة الأخريات، وتركز حلمي في الزواج، خلقت للحلال وحده، لست مثل صديقي علي يوسف وبقية الصحاب، ذات ليلة قالوا فلنغامر ، ليكن لنا نصيب، أجل فلنغامر وليكن لنا نصيب! ذلك تاريخ قديم. اليوم وأنا سائر إلى المقهى أتساءل: هل كتب علي هذا المشوار المدوخ بين أبو خودة وميدان الجيش؟ لا حول ولا قوة إلا بالله. وأتخيل رجوعي عقب انتهاء السهرة فيبوخ سروري الوقتي المصاحب لي في الذهاب. العباسية كتكوين عام تقرفني مثل وجه كريه. يقولون مع ذلك
إن الحياة تبدأ بعد الستين، حقا؟ شد ما أتوق إلى منظر جديد! جو نقي، موقع تكتنفه الأشجار، والحسان يخطرن مع الأصيل، وأحن إلى ناد حافل بالمعارف والتسلية، إلى دفء يشغل المرء عن هواجس المرض والموت. الشباب والمال هذه هي الدنيا، يتحدثون عن الإثراء المتفجر في كل مكان، عن السهرات في الشقق المفروشة، عن الأفراح الذهبية في الفنادق، أين الطريق المفضية إلى هذه الدنيا؟ وتوجد قلة من الرفاق على قيد الحياة، فأين هم؟ التقيت مرة بالدكتور حازم صبري أمام الأميركين، تصافحنا، تبادلنا كلمتين على عجل، وافترقنا! من يصدق أننا كنا لا نفترق على مدى الطفولة والمرحلتين الابتدائية والثانوية؟ وانتخب الموت الآخرين؛ لم يبق إلا العجوز الطيب الذي يلوح لي بيده من مجلسه في المقهى. واستقبلني بجدية غير عادية، وقال: أعرف ما بكر بك اليوم!
فجلست وأنا أتساءل: ما هو؟ - أزمة الجنيه والدولار!
فضحكت من قلبي ونادرا ما يحدث ذلك، وقلت له: الله يخيبك يا عجوز!
فقال باهتمام: حلمت لك حلما غريبا! - حقا؟ - رأيتك تركب حمارا وعلى رأسك بقجة كبيرة، ثم طرحت بالبقجة في الهواء وحثثت الحمار على الإسراع بكعبي قدميك فسألتك عن وجهتك فقلت لي إنك ذاهب لأداء العمرة! - ألديك تفسير؟ - طبعا .. أمامك خير، ولكن عليك أن تطرح أفكار السوء أرضا!
Halaman tidak diketahui