كان هذا العظيم من خطباء العالم المعدودين مسلحا بصوت جهوري تستحليه ولا تنفر منه. قوي البديهة متدفق البيان رائعه. يعرف كيف يأسر سامعيه ببراعة استهلاله، وكيف يترك في نفوسهم أثرا بليغا بحسن ختامه، تؤيده في جميع مواقفه محبته العنيفة لوطنه، وإباؤه المملوء كرامة قومية.
كان داعية عنيف الكلام، ولكنه لم يدع إلى استعمال القوة والعنف، بل كان يتذرع دائما بالسلم ليبلغ الغاية والقصد، يشبه في مواقفه الخطابية أديب إسحاق الذي اقتدى كل من جاءوا بعده بأسلوبه ووقفته، كما قال الزعيم الآخر الخالد سعد زغلول. (6) قاسم أمين
جده أمير كردي، تلقى علومه أولا في مدارس وطنه، ثم بعث إلى أوروبا فدرس علم الحقوق، وعاد ليشغل مناصب عديدة في القضاء.
وأشهر كتبه «تحرير المرأة»، ثم كتاب «المرأة الجديدة»، وهو دفاع عما كتبه «تحرير المرأة» الذي أقام الشرق وأقعده، وكأن هذا الكتاب تعديل لما في كتاب تحرير المرأة من تطرف. لقد رد على قاسم كثيرون، أما أبلغ رد كان فهو هذه الحكاية، إن صدق الرواة: قيل إنه جاءه واحد يوما يطلب مقابلة «مدامته»، فقال قاسم أمين: أنت غلطان يا أخي! زوجتي أنا!
فأجابه الرجل: نعم مدام قاسم بك أمين. ألست أنت المطالب برفع الحجاب وإطلاق حرية المرأة، فابدأ بنفسك، اسمح للست أن تقابلنا لنتبعك!
وبعد، فليس قاسم أمين أول من طالب بحرية المرأة المسلمة، فالكتاب الأتراك وأحمد فارس الشدياق الذي أصدر جوائبه في عاصمتهم، كانوا أول الداعين إلى ذلك لكثرة اختلاطهم بالأجانب.
وقد استدرك قاسم أمين فقال: «سيقول قوم إن ما أنشره اليوم بدعة، فأقول: نعم، ولكنها ليست في الإسلام، بل في العوائد، وطرق المعاملة التي يحمد الكمال فيها.»
وقد نشر لقاسم أمين كتاب ثالث سمي «كلمات لقاسم بك أمين»، ومن هذه الكلمات قوله: «إن الذي مدحك بما ليس فيك إنما هو مخاطب غيرك.»
تعصب أهل الدين، وغرور أهل العلم هما منشأ الخلاف الظاهر بين الدين والعلم، لا تكمل أخلاق المرء إلا إذا استوى عنده مدح الناس وذمهم إياه.
ومن كلماته أيضا، وهو رأي له في اللغة:
Halaman tidak diketahui