ترجم له علماء الحنفية في مدونات طبقاتهم، منهم: القرشي، في الجواهر المضيئة (١)، وابن قطلوبغا في التاج وقال: "عده في الحنفية الشيخ مجد الدين" (٢)، واللكنوي في الفوائد، وقال: إنه من أكابر الحنفية (٣).
ويختلف الزمخشري الحنفي عن الزمخشري المعتزلي، فهو متسامح مع مخالفيه في مسائل الفقه، ولم يمنعه كونه حنيفًا أن يتقبّل مذاهب الآخرين، وربما أدّى به الأمر إلى ترجيح آراء مخالفيه (٤)، على العكس مع مخالفيه في العقيدة، حيث سلك معهم أسلوب التقريع والتسفيه والتجريح (٥).
الزمخشري فقيهًا
عرف الزمخشري مفسرًا، كما عرف لغويًا، وأديبًا، وشاعرًا، أما الزمخشري الفقيه فهو الجانب المغمور من صفاته، والذي لم يشتهر به بين الباحثين.
ويهمنا هنا بالأصالة التعرف على هذا الجانب من جوانبه العلمية، إذ المقاييس المسلّمة في مثل هذه الأمور هي:
أوّلًا: إنتاجه العلمي في هذا المجال.
ثانيًا: كيفية تناوله ومنهجه للموضوعات الفقهية إذا عرضت مناسبة لذلك.
ثالثًا: تسليم العلماء المتخصصين له والثناء عليه في ذلك المجال.
وعلى ضوء هذه المقاييس سيكون الحديث عن الزمخشري الفقيه. أما إنتاجه فكتاب رءوس المسائل، ليس كتاب فقه فحسب، بل هو أدق من ذلك، وهو: الخلاف بين مذهبه المذهب الحنفي، والمذهب الشافعي؛ ولا يتناول هذا الموضوع
_________
(١) انظر: الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية (٤٩٣)، ٢/ ١٦٠، ١٦١.
(٢) ابن قطلوبغا، تاج التراجم في طبقات الحنفية (٢١٧)، ص ٧١، ٧٢.
(٣) اللكنوي، الفوائد البهية في تراجم الحنفية، ص ٢٠٩، ٢١٠.
(٤) انظر: تفسير قوله تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾ في الكشاف ١/ ١٣٤.
(٥) انظر: تفسير قوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ في الكشاف ١/ ١٧٩.
1 / 48