عاد الزمخشري إلى وطنه شيخًا كهلًا، وقد أصبح بعد رجوعه فخر خوارزم، ومرجع العلماء في كل عويصة، وأصبحت له شهرة علمية في أنحاء العالم الإِسلامي.
شيوخه
لقد توافر للزمخشري أعلام في الفكر الإِسلامي، تتلمذ عليهم وتخرج لهم، واستقى من منابعهم، ولم يقتصر على التلقي على شيوخ بلدة معينة، بل كان يجوب البلاد ويستفيد من علمائها، بأدب وتواضع، فلم ير غضاضة في أن يتتلمذ وهو في شيخوخته وأستاذيته، على من يراه أهلًا ومحلًا للعلم والفضل، ومن أبرز شيوخه:
- محمود بن جرير الضبي الأصفهاني (أبو مضر) (م ٥٠٧ هـ) الذي كان يلقب بفريد العصر، ووحيد الدهر في علم اللغة والنحو، ويضرب به المثل في أنواع الفضائل، وهو الذي أدخل على خوارزم مذهب الاعتزال.
وقد درس عليه: النحو والأدب، واستفاد منه كثيرًا (١) ورثاه الزمخشري بقوله:
وقائلة ما هذه الدرر التي ... تساقطها عيناك سمطين سمطين
فقلت هو الدر الذي قد حشا به ... أبو مضر أذني تساقط من عيني (٢)
كما أخذ الأدب عن الشيخ أبي الحسن علي بن المظفر النيسابوري الضرير، كما ذكره ياقوت، والسيوطي (٣).
_________
(١) انظر: مفتاح السعادة ٢/ ١٠٠.
(٢) معجم الأدباء ١٩/ ١٢٤؛ الزمخشري لغويًا ومفسرًا، ص ٩٦.
(٣) يرى الدكتور الحوفي بأن الصواب هنا هو: (أبو علي الحسن بن المظفر النيسابوري) اعتمادًا على ما ذكره ياقوت في معجم الأدباء في ترجمته: "وأنه شيخ أبي القاسم الزمخشري"، إلا أننا نجد أن وفاته كانت سنة (٤٤٢ هـ)، ومن ثم لا يصح أن يكون (أبو علي الحسن) شيخًا للزمخشري، لأن الزمخشري ولد بعد وفاته بخمس وعشرين سنة.
انظر: معجم الأدباء ٩/ ١١٩، ١٢٠، ١٩/ ١٢٧؛ بغية الوعاة ٢/ ٢٧٩؛ مفتاح السعادة ٢/ ١٠٠؛ الزمخشري، ص ٥٠.
1 / 38