وإن مما قراني حسرة وأسى ... وضاقني الكرب من جرّاه والوجع
أن عاقني شحط دار عن تفقده ... حتى مضى وهو من ذكراي ملتذع
يا حسرتا أنني لم أرو غلته ... وغلتي بزمان فيه نجتمع
قد كنت أشكو فراقًا قبل منقطعًا ... وكيف لي بعده بالعيش منتفع (١)
ويصف فقره ورقة حاله في موضع آخر:
أشكو الزمان ولا أرى لي مشكيًا ... ممن يرى شَعَثي ورقة حالي
يا حسرتا من لي بصفقة رابح ... في متجر والفضل رأس المال (٢)
وقد أدى به ضيق ذات اليد إلى مدح عدد من الملوك والوزراء من خلال قصائده مع الإشادة بمكانته العلمية، طمعًا في منصب يناله، أو حظوة يجدها عند الأمراء ومن ذلك يقول:
وما حق مثلي أن يكون مضيّعًا ... وقد عظمت عند الوزير وسائلي
وأعظمها أني نسيب نصابه ... إذا عرضت أنساب هذي القبائل
فكل امرئ آماله عدد الحصا ... وهات نظيري في جميع المحافل
لئن كان أمري في خوارزم ما أرى ... فإن رحالي في ظهور الرواحل (٢)
وسجلت هذه المرحلة نشاطه ورحلاته الأولى في طلب العلم فزار (مرو) ولقي فيها الإِمام السمعاني (م ٥٦٢ هـ)، وطاف بكثير من مدن خوارزم وخراسان محصلًا للعلم، مجالسًا للعلماء، مناظرً لأقرانه.
هذه المرحلة كانت من أهم مراحل حياته العلمية الحافلة، إذ نضج فيها عقله، وقويت ملكاته، ووضحت شخصيته، وحصّل الكثير من العلوم الإِسلامية، ونبغ في الأدب. نثره وشعره، وطارت فيها شهرته (٣).
_________
(١) انظر: ديوان الزمخشري (منهج الزمخشري)، ص ٢٦.
(٢) انظر ذلك بالتفصيل فيما نقله الصاوي في مقدمته، منهج التفسير، ص ٣١، ٣٣ وما بعدها.
(٣) انظر: الزمخشري لغويًا ومفسرًا، ص ٩٧، ٩٨.
1 / 34