وفم منغلق في صلابة تتدلف إلى العناد، يخيل إليك أنه شيد على كلمة: أريد!
وخدان مزردان في سمنة، يطمئنان تحت مغارتي الأنف فيمهدان مطرحا هلالي الشكل لشاربين حالكين، مقصوصي الجناحين كأنهما فراشة سوداء محنطة.
أما جسده فقد استوى على اعتدال جميل في القامة، فلا هو قصير ولا طويل، ولا ضخم ولا هزيل.
إذا غشيت إحدى «فبارك» السياسة في هذا البلد فسمعت صوتا كأنه جملة أصوات، يرتفع وحده بنبرات «جازبندية» فخمة تتقاسمها لهجة الخطيب الواثق وتصلب الرجل القوي؛ فقل هذا صوت الأستاذ «إده».
دهاء من غير مكر.
لو اتفقت عناصر الحزم لتختار لها رجلا تسكن إليه، فيدعمها بثقافة ناضجة وعلم صحيح، ولا يسود اليد البيضاء بينها وبين ما تريد؛ لما ختمت قلبها على غير الأستاذ «إده».
درج في بيت كبير، ففي صدره خلق نجم من أطيب معادن النفس. يستشعر الإخلاص لوطنه ولأصدقائه، ويعكس الآية مع خصومه، فهو يبغض بقدر ما يحب، وقد يكون هذا الخلق مبنيا على استئثاره بحب نفسه، فالأستاذ «إده» رجل أثرة قبل كل شيء، إلا أن هذه المزية لا تقمره شيئا من خلقه النبيل، فهي لون من ألوان السياسة لا تتزحف بصاحبها إلى حطة.
ضئيل في لغة العرب، ولو قيض له في لبنان أن يضجعها للذبح كما تضجع الشاة لما تردد، ولو أراد أن يقنع بأن لغة الضاد هامة على بدن البلاد لأحلها من «برنامجه» محلا موفور الكرامة، فظفرت المعارف بمكانها الخطر وأخذته بحقها.
أما مجمل القول فهو أن هذا الرجل ينطوي على نزعات غريبة متباينة في خلق غريب متباين.
كان الأستاذ «إده» على عهد «ويغان» و«جوفنيل» رجل الانتداب في لبنان، ينزل الانتداب على معظم رغباته، ولم يحل عن عهده معه إلا في أيام «سرايل»، وقد تكون الحملة العنيفة التي شهرتها جريدة «الأوريان» على «سرايل» في ذلك الزمن شعلة إكليريكية نفخها «الجزويت» وأضرمها الأستاذ «إده».
Halaman tidak diketahui