إليك هذه القصيدة:
لا يجوز أن يكون تمثال الحرية من حديد، فالحديد يذكرك بالقيود التي من أجل تحطيمها يقام ذلك التمثال.
وإليك هذه الحكمة: «إذا أفرغت المعد امتلأت السجون.»
وإليك هذه الصورة: «الخلود إرادة ثائرة على الموت.»
ألقت إليه الأفكار مقاليدها، فهو لا يتحين فرص القريحة ليكتب، بل هي تتحين فرص فراغه لتهرول إليه.
إذا جلس إلى القلم تحفلت حوله طوائف من الصور في ألوان شتى، فيرمقها بخاطر سريع وفي عبارات لاسلكية، وقد تتبادره الأفكار فلا يبقى في قوسها منزع ظفر، أما إذا استوى على فكرة قديمة رثة فيأخذ يعالجها بريشته الساحرة ويذر عليها كبريت الجمال من عبقرية فنه حتى يجدها.
1
قال «ألفرد ده موسه»: «إن طرفة الفن يجب أن تعيش من ناحيتين؛ الأولى: أن يستسيغها الخبيرون، والأخرى: أن يستسيغها الجمهور، وفي كل عمل يقدر له أن يبلغ إحدى هاتين الناحيتين موهبة ناقصة، أما الموهبة الكاملة فينبغي لها أن تبلغ الاثنتين معا.»
إذا صح هذا الزعم فإن الخلود لسوف ينضو عنه «قطرات» «الراعي»؛ لأن هذا الشاعر الحكيم تحمل بخياله الرحب عن رجال عصره أو عن معظمهم، ومعظم هؤلاء يصدفون عن العالي من الكلام ولا ينتحون إلا على ما أتاحت لهم الثقافة الضئيلة أن يتناولوا منه.
وحتى يصح هذا الزعم كان حريا بالخلود أن يشيح بوجهه عن الشاعر «ألفرد ده فينيي» ويقمره حقه، فلقد صرف هذا الشاعر العظيم بياض أيامه وسواد لياليه في إراقة ماء شاعريته على صحائف أنكرتها غباوة الأغبياء في زمنه، وما أكثر هؤلاء في كل زمن، إلا أن الأجيال نقادة تختار لها الجياد.
Halaman tidak diketahui