Rum
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
Genre-genre
والحياة في الدهر العتيد، آمين.
وكان المجمع المسكوني الأول قد شرع في تنظيم الكنيسة على غرار نظام الدولة الرومانية، فأعطى أسقف عاصمة الولاية حق التقدم على أساقفة مدنها الأخرى، وجعله متروبوليتا عليها كلها، وكانت الولايات الرومانية المائة والعشرون قد انتظمت ذيقوسيات اثنتي عشرة، فجاء المجمع المسكوني الثاني يعطي متروبوليت عاصمة الذيقوسية حق التقدم على جميع المطارنة فيها، وأصبح - بموجب هذا الترتيب - بطريرك أنطاكية عاصمة ذيقوسية الشرق متقدما على جميع مطارنة هذه الذيقوسية، ومثله بطريرك الإسكندرية في ذيقوسية مصر، ومتروبوليت قيصرية قبدوقية في ذيقوسية البونط، ومتروبوليت إفسس في ذيقوسية آسية، ومتروبوليت هرقلية في ذيقوسية تراقية.
ويرجح بعض رجال الاختصاص أن أساقفة هذه الذيقوسيات كانوا يتمتعون بلقب إكسارخوس أو الأسقف الأول، وأنه كان لبعضهم ألقاب خاصة احتفظوا بها، فكان أسقف رومة يدعى أسقف المدينة أو حبرا أو بابا أو بطريركا، وكان أسقف الإسكندرية يدعى بابا وبطريركا ولا يزال «بابا وبطريرك الإسكندرية»، كما كان أسقف أنطاكية يدعى بطريركا أيضا، واللفظ بابا يوناني في الأرجح مأخوذ من الكلمة باباس ومعناها الأب، واللفظ بطريرك يوناني أيضا، وهو مركب من كلمة باتريا ومعناها العشيرة، وكلمة أرشيس ومعناها الرئيس.
ولما كان بروقنصل القسطنطينية وحاكمها لا يخضع لنائب الذيقوسية التي فيها هذه المدينة، ولما كانت القسطنطينية هي عاصمة الإمبراطورية الثانية «رومة الجديدة»، فإن المجمع رأى أن يعطي أسقفها حق التقدم على جميع الأساقفة بعد أسقف رومة، وأن يصار إلى تسميته في مجمع خاص، يشترك فيه جميع أساقفة الذيقوسيات الشرقية.
18
ودعا دماسوس حبر رومة الأساقفة إلى مجمع في رومة في السنة 372، ولكن ثيودوسيوس طلب إليهم متابعة العمل في القسطنطينية في الوقت نفسه، وسمح بأن يسافر وفد منهم إلى رومة؛ يراقب أعمال مجمعها ولا يشترك فيها، وتدخل غراتيانوس إمبراطور الغرب وحض الآباء المجتمعين في القسطنطينية على الاشتراك في مجمع رومة ولكن على غير جدوى، فاضطرب دماسوس ورأى في هذا إهانة له ونذير انشقاق بين الشرق والغرب.
19
العلاقات الرومانية الفارسية
وتوفي ذو الأكتاف شابور الثاني في السنة 379، وتولى العرش الفارسي بعده أردشير الثاني (379-383)، ثم شابور الثالث ابن ذي الأكتاف، فأرسل هذا في السنة 384 وفدا إلى القسطنطينية؛ يفاوض في توطيد السلم وتحسين العلاقات، وشفع ذلك بأن أرسل الهدايا الحرير والحجارة الكريمة والفيلة، ولكن حدث بعد هذا بقليل أن زحفت جيوش شابور الثالث على أرمينية ففر ملكها أرشاك الرابع إلى ثيودوسيوس مستجيرا، ولكن ثيودوسيوس كان في أمس الحاجة إلى السلم؛ نظرا لاضطراب الموقف في الغرب واغتيال غراتيانوس، ففاوض شابور في اقتسام أرمينية بينهما، فتم ذلك في السنة 386 بموجب خط فاصل امتد من ديار بكر «آمد» حتى أرضروم «ثيودوسيوبوليس»، وهكذا ضم ثيودوسيوس ما قارب من خمس أرمينية إلى ملكه، وفي بعض المراجع أنه جرى مثل هذا الاقتسام في ما بين النهرين ولكنه قول ضعيف.
20
Halaman tidak diketahui