152

Rum

الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب

Genre-genre

16

ونهض في هذه السنة نفسها خالد بن سعيد إلى بلاد الروم، وأوغل في بلاد الشام حتى اقترب من دمشق، فانهزم وعاد إلى المدينة.

وبعد انتهاء حرب الردة أعد أبو بكر جيوشا أربعة وسيرها على الشام وعقد ألويتها لأبي عبيدة بن الجراح ولعمرو بن العاص وليزيد بن أبي سفيان ولشرحبيل بن حسنة، وأمر أبا عبيدة أن يتجه نحو حمص، وأمر عمرا أن يقوم إلى فلسطين، وأمر يزيد أن يصل إلى دمشق، وأمر شرحبيل أن يأتي الأردن،

17

فانتصر يزيد بن أبي سفيان في أوائل السنة 634 على سرجيوس بطريق فلسطين، في وادي عربة المنخفض العظيم جنوبي البحر الميت، وكان حامل اللواء الإسلامي معاوية - مؤسس الدولة الأموية فيما بعد - وارتد الروم على غزة فاقتتل الطرفان مرة ثانية في داثن في الرابع من شباط من السنة نفسها واندحر الروم مرة أخرى، أما الجيوش الثلاثة الأخرى فقد أوقع بها الروم ووقفوا تيار زحفها.

ويرى المستشرق المستعرب كارل بكر أن نجاح أبي بكر بحروب الردة في قلب الجزيرة العربية؛ قد أكسبه مهابة وعظمة في نفوس عشائر بكر بن وائل الضاربة عند حدود العراق الغازية في أطرافه، وأن هذه المهابة جعلت تلك العشائر تصادق من وراءها من العشائر والقبائل الأخرى التي كانت قد اعتنقت الإسلام، ويزيد بكر أن المثنى بن حارثة كبير بني شيبان الوائلي الذي اشتهر بانتصاره على الفرس في موقعة ذي قار (604 أو 606) هو الذي استدعى خالد بن الوليد وجماعته إلى حدود العراق لمحاربة الفرس.

ومن الناحية الثانية يرى بكر أن أبا بكر ومن حوله اضطروا اضطرارا أن يلهوا من أسلم من القبائل العربية بغزو العراق؛ كي لا تعود هذه القبائل إلى غزو بعضها - كما جرت عادتها من قبل - فتنتهك بذلك حرمة الإسلام، والمسلم أخو المسلم، ويرى أيضا أن خروج العرب المسلمين إلى العراق سبق خروجهم إلى الشام.

18 «وشجا جموع المسلمين في الشام وأشجوا.» فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد أن يؤمر على العراق المثنى، وأن يسير إلى الشام، فهب خالد على رأس جماعته وكانت حروب الردة والعراق قد صهرت جنوده وأورثتهم مناعة وقوة.

بدأ بالزحف من الحيرة إلى صندوداء فلقيه أعرابها فظفر بهم، ثم لقيه جمع بالمصيخ والحصيد، عليهم ربيعة بن بجير التغلبي، فهزمهم، ثم سار من قراقر إلى سوى فأغار على أهل سوى واكتسح أموالهم وقتل حرقوص بن النعمان البهراني، ثم أتى أرك فصالحوه، وأتى تدمر فتحصنوا ثم صالحوه، ثم أتى القريتين فقاتلهم، فظفر بهم، وأتى حوارين فقاتلهم، فهزمهم، وأتى قصم فصالحه بنو مشجعة من قضاعة.

وأتى مرج راهط من مضارب الغساسنة قرب عذراء وعلى بعد عشرين كيلومترا من دمشق فأغار على غسان في يوم فصحهم وقتل وسبى، ووجه بعض رجاله إلى الغوطة فأتوا كنيسة فسبوا الرجال والنساء وساقوا العمال إلى خالد، ونزل على قناة بصرى وعليها أبو عبيدة وشرحبيل ويزيد، فاجتمعوا عليها، فرابطوها حتى صالحت على الجزية في آذار من السنة 634.

Halaman tidak diketahui