ولما كان الذي مع الإنسان في الفراش الحور العين، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً﴾ أي: أنشأناهن إنشاءً عجيبًا غريبًا بديعًا " (١).
٤ - مثال تطهير الثياب:
قال تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ (٢).
اختلف المفسرون في المراد بقوله: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ فقال ابن سيرين وابن زيد بن أسلم والشافعي وجماعة: هو أمر بتطهير الثياب حقيقة، وذهب الشافعي وغيره من هذه الآية إلى وجوب غسل النجاسات من الثياب، وقال الجمهور: هذه الألفاظ استعارة في تنقية الأفعال والنفس والعرض، وهذا كما تقول فلان طاهر الثوب، ويقال للفاجر دنس الثوب. وقال ابن عباس ﵄ والضحاك وغيره، المعنى لا تلبسها على غدرة ولا فجور، وقال ابن عباس ﵄: المعنى لا تلبسها من مكسب خبيث، وقال النخعي: المعنى طهرها من الذنوب، وهذا كله معنى قريب بعضه من بعض (٣).
ورجّح ابن عاشور كلا المعنيين الحقيقي والمجازي فقال: " وللتطهير إطلاق حقيقي وهو التنظيف، وإزالة النجاسات، وإطلاق مجازي، وهو التزكية، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ
(١) تفسير القرآن الكريم / ابن عثيمين، ص ٣٣٨.
(٢) سورة المدثر، الآية (٤).
(٣) انظر المحرر الوجيز / ابن عطية، ج ٥، ص ٣٩٢.