Semangat Revolusi dan Revolusi Perancis
روح الثورات والثورة الفرنسية
Genre-genre
كان الباستيل، الذي هو سجن كثير من ضحايا الظلم، رمز الاستبداد الملكي، ولكن لم يوجد ما يجعل الشعب الذي هدمه يتألم منه، إذ لم يعتقل فيه سوى الأشراف، واستمر تأثير الاستيلاء على قلعة الباستيل حتى اليوم، فإليك ما قاله المؤرخ الكبير مسيو رانبو:
إن الاستيلاء على الباستيل حادث عظيم، لا في تاريخ فرنسة وحدها، بل في تاريخ أوربة كلها، وقد فتح دورا جديدا في تاريخ العالم.
في هذا القول البسيط شيء من المبالغة، فقيمة ذلك الحادث أنه أعطى الشعب، أول مرة، مثالا واضحا على وهن سلطة الملك التي كانت مخيفة ، ومتى تزلزل مبدأ السلطة انحل سريعا، وما الشيء الذي لا يطلب من الملك العاجز عن الدفاع عن حصنه الخاص حيال حملات الشعب؟ هكذا أصبح السيد، ذو الحول والقوة في الماضي، لا يقدر على شيء.
وقد أخذت علامات التمرد تظهر على مرتزقة الأجانب بعد الاستيلاء على الباستيل، فرضي لويس السادس عشر بتسريحهم، ثم استدعى نيكر ثانية وذهب إلى دار البلدية فاستصوب الأمور التي وقعت، واستحسن الراية الجديدة ذات الألوان الثلاثة، الأزرق والأبيض والأحمر، التي أتى بها قائد الحرس الوطني لافايت، والتي كانت تجمع بين راية الملك وراية مدينة باريس.
ويدلنا الاستيلاء على الباستيل على الوقت الذي شرع الشعب يقبض فيه على ناصية الحكم، فقد أخذت مداخلة الشعب المسلح تظهر بعد ذلك الاستيلاء في مذاكرات المجالس الثورية.
وقد عجب كثير من مؤرخي الثورة الفرنسية لهذه المداخلة وحدثوا عنها باحترام، فلو بحث هؤلاء بحثا سطحيا، على الأقل، عن روح الجماعات لرأوا أن الشعب لم يفعل غير ما أراده بعض الزعماء، وأن من الخطأ قولهم: إن الشعب استولى على الباستيل، وهجم على التويلري، واحتل مجلس العهد إلخ. فالقول الحق هو: أن بعض الزعماء جمعوا - بواسطة الأندية - عصابات من الشعب ساقوها إلى الباستيل والتويلري إلخ، وأن هذه الجماعات نفسها هي التي هجمت أيام الثورة الفرنسية على أشد الأحزاب اختلافا ودافعت عنها على حسب أهواء الزعماء، ولم يكن للجماعات غير رأي رؤسائها.
وعقب الاستيلاء على الباستيل تخريب حصون أخرى بفعل التلقين، فاعتبر الفلاحون كثيرا من القصور باستيلات صغيرة وطفقوا يحرقونها مقتدين بسكان باريس، وكان غضبهم يشتد كلما وجدوا في تلك القصور صكوكا إقطاعية.
والمجلس التأسيسي، الذي أظهر غطرسة أمام الملك، كان كثير الجبن تجاه الشعب، فقد وافق في الليلة الرابعة من شهر أغسطس بالإجماع على اقتراح الشريف الكونت دونواي القائل بإلغاء حقوق الأمراء الإقطاعيين راجيا بذلك ختام المشاغبة، وقد تمت هذه الموافقة الإجماعية التي ألغيت بها امتيازات الأشراف دفعة واحدة وأعضاء المجلس يتعانقون باكين من شدة الفرح، ويتضح لنا مثل هذا العارض الحماسي عند النظر إلى فعل العدوى النفسية في الجماعات، ولا سيما في المجالس التي استحوذ عليها الخوف.
ولو أقلع الأشراف عن امتيازاتهم قبل ذلك ببضع سنين لاجتنبت الثورة الفرنسية، ولكن ما العمل وقد وقع ذلك بعد أوانه، ولا يفيد ترك الحقوق كرها غير زيادة رغائب من تركت لأجلهم، فيجب في عالم السياسة كشف عواقب الأمور ومنح المطاليب طوعا قبل أن يحل الوقت الذي تمنح فيه كرها.
تردد لويس السادس عشر مدة شهرين في الموافقة على قرار المجلس التأسيسي الذي أصدره ليلة 4 من أغسطس، ثم ذهب إلى فرساي فساق إليه الزعماء عصابة لا تقل عن سبعة آلاف شخص، فكسرت هذه العصابة حواجز القصر الملكي وقتلت بعض الحراس، وجيء بالملك وأسرته إلى باريس بين جماعة تصرخ وأناس يحملون على رؤوس حرابهم هامات قتلى الحرس.
Halaman tidak diketahui